الجمعة، 22 نوفمبر 2024

التعاون مع صندوق النقد الدولي حل وقتي لابد منه مميز

27 أفريل 2021 -- 12:42:10 801
  نشر في اقتصاد

تونس/الميثاق/اقتصاد

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي هي ضرورة تفتضيها الوضعية الصعبة للمالية العمومية التي تتجسد أساسا في ارتفاع العجز في ميزانية الدولة خلال السنة المالية الحالية إلى أكثر من 19مليار دينار، مع توقعات بمزيد ارتفاعه نظرا لارتفاع أسعار النفط في الاسواق العالمية.

كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن خدمة الدين للسنة الحالية مقدرة ما يقارب 16مليار دينار  منها 12مليار دينار بالعملة الصعبة و هو ما   دفع بالحكومة إلى العمل على كل الواجهات من أجل الانطلاق في برنامج تعاون  جديد مع صندوق النقد الدولي يمكن من المساعدة على تعبئة الموارد الخارجية اللازمة لسداد تعهدات الدولة الخارجية خاصة و التي لا تقل عن 4مليار أورو .

ملاحظات عدة يجب الإشارة إليها في هذا الإطار و منها ما يلي :

1-خلال السنة الحالية  الحكومة مجبرة على التعاون مع صندوق النقد الدولي نظرا لضعف الموارد الذاتية للدولة و للارتفاع غير المسبوق في مستوى التداين الداخلي و كذلك تراجع الترقيم السيادي لتونس مما يجعل من  الخروج للسوق المالية العالمية مغامرة غير مضمونة و مكلفة .

ترشيد التداين العمومي الذي قارب حاليا  نسبة 100% من الناتج المحلي  و تحقيق استدامتة يقتضي  التوافق حول خيارات  إقتصادية جديدة أكثر إدماجا و استدامة ،محفزة للتشغيل و التصدير و تقوم على القطاعات الثلاثه ، الخاص والعام و الإقتصاد الإجتماعي و التضامني .

الحد من التداين العمومي يقتضي أيضا سياسات قطاعية جديدة  تقوم على الرقمنة و الانتقال الطاقي و الأمن الغذائي و الصناعة ذات القيمة المضافة العالية كما تتطلب إصلاح مناخ الأعمال و تطوير جاذبية الوجهة التونسية. في نفس الإطار، لاسبيل للحد من التداين الخارجي دون الإنطلاق في تنفيذ الإصلاحات الكبرى المتعلقة بالجباية و السوق الموازية و المؤسسات العمومية و الدعم  و الوظيفة العمومية.

إذا فالحد من التداين و التبعية للمؤسسات المالية العالمية بقتضي إصلاحات هيكلية تعطي ثمارها على المدى المتوسط وهو ما يجعل من اللجوء  على المدي القصير  لصندوق النقد الدولي أمرا ضروريا .

2- الإتفاق على برنامج تعاون جديد مع صندوق النقد الدولي يخضع لمنهجية و مراحل دقيقة  تنطلق من طلب رسمي  تقوم به الحكومة حيث بعث رئيس الحكومة بطلب تعاون يوم 19 افريل الحالي يليه عرض، خلال الآيام القليلة القادمة ،لبرنامج مفصل للإصلاحات الاقتصادية و برنامج للإنقاذ الإقتصادي يدرس من قبل خبراء الصندوق ثم يعرض في مرحلة أخيرة على مجلس الإدارة لتحديد آليات التعاون و شروطه.

3-اعتقد أن تونس ستتمكن من الحصول على دعم مالي و فني من صندوق النقد الدولي مما سيساعد على تعبئة  الموارد الخارجية اللازمة من بقية المؤسسات المالية العالمية و  من السوق المالية الدولية و ذلك للأسباب التالية :

- تردي الوضع الإقتصادي نتيجة لأزمة الكوفيد وهو ما يجعل من دعم الدول الأعضاء   في صندوق النقد الدولي ضرورة ملحة و من ذلك تونس

-دعم المسار الديمقراطي في تونس حيث أنه رغم الوضع السياسي المضطرب فإن المؤسسات المالية العالمية لديها رغبة صادقة في إنجاح الإنتقال الديمقراطي في تونس

-موقع ووضع تونس الجيوستراتيجي في علاقة خاصة بالملف الليبي حيث يعتقد العديد من الخبراء  أن اعادة إعمار ليبيا   يقتضي جعل تونس منصة هامة لهذه العملية و هو ما يقتضي دعم استقرارها.

-رغم الصعوبات المالية ،فإن تونس نجحت الى الان في الإيفاء بكل تعهداتها الخارجية و لم تتأخر في سداد ديونها الخارجية.

مما لاشك فيه أن اللجوء للتداين عموما و لصندوق النقد الدولي خاصة خيار شاق و غير ناجع تقتضيه الضرورة ،لكنني على يقين أن التقدم في نسق الإصلاحات و تنفيذ خطة للإنقاذ الإقتصادي من شأنه أن يحقق التوازانات المالية العمومية و استدامة الدين العمومي و يقي تونس شر الإفلاس و الركود الإقتصادي.

محسن حسن

آخر تعديل في الثلاثاء, 27 أفريل 2021 12:42

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة