لكن، من سوء حظ شعبنا التونسي، وشعبنا السوري، بل والأمة العربية كلها... أن ما تعرضت وتتعرض له سوريا أصبح مزادا يحاول البعض التكسب السياسي منه ولو على حساب الجراحات ،وعلى حساب القيم والمبادئ ... و إن الانقسامات السياسية الصبيانية في المشهد السياسي التونسي... أراد بعض السياسيين والأحزاب حسمها هناك في سورية... فوقوف البعض مع النظام ،أؤكد انه وقوف دون فهم أو اقتناع ... وقوف تحكمه فقط نكاية في الخصوم السياسيين هنا في تونس... ألم يختصم الجميع ولكنهم يوم عرض اللائحة حول إعادة العلاقات مع سوريا ألم تغيبوا ؟
إن هذه الإنقسامات التي ترقى إلى حد الخزعبلات تضر بالقضية السورية... وتشوش على أي حل قومي / ديمقراطي يُراعي سيادة سوريا ووحدة أرضها وشعبها.
سؤال ملح يبادرني و أنا أراقب هذا المشهد : ماهو موقف السياسيين الذين يزورون سورية، من الطائفية، ومن التدخل الايراني ومن الهيمنة الروسية، ومن المطالب في الحرية والديمقراطية للشعب السوري؟ كل اﻹجابة لو توفر الصدق في مثل هكذا مشهد يجب أن تصاغ في مبادرة شعبية/قومية/ديمقراطية تعرض على كل القوى القومية والوطنية والديمقراطية السورية المؤمنة بوحدة سوريا ،وتماسك نسيجها الاجتماعي، المناهضة للارهاب، وحماية سيادتها.
نعم تعرض علي كل القوى بما في ذلك النظام السوري، كل على قدر حجمه ومسؤوليته؛ اما حشر النفس هكذا الى جانب هذا الطرف أو ذاك... فلن يخدم المسألة السورية ... و ما يجب أن يفهم هو أن النظام لا يستحق أن نعطيه صكا على بياض ونتجاهل كل تلك القضايا، سواء التي كانت سببا في اندلاع الأزمة أو التي نتجت عنها.
في هذا الإطار فان رفع شعار "سوريا الأسد" فيه تقزيم لدور سوريا التاريخي، سوريا قلب العروبة النابض... وميلاد المقاومة العربية ضد الاستعمار التركي والطورانية... سورية موطن الفكرة القومية العربية الإشتراكية الانسانية... هي أعظم وأكثر خلودا من أن تتصف بهكذا وصف... نرفض ذلك كما رفضنا شعار "تونس البورقيبية/البنعلية"ورفع ذلك الشعار هو مجرد مناكفة تونسية/تونسية ، وتطاوس في غير أرض المعركة... وصل بأحد النواب (حديثي العهد بالسياسة ككل أعضاء الوفد) في الوفد الاخير بأن يصرح بأنه لا يتشرف بتمثيل (يقصد في مجلس نواب الشعب) كل من انتقده في زيارته "لسوريا الاسد" .
و تبقي الطرفة الكبري ما ادعاه أعضاء الوفد من أنهم سيحققون في شبكات التسفير.
أولا = اللجنة البرلمانية، هي لجنة سياسية... لا يمكنها ان تقوم بتحقيقات جنائية... وأن ما ستقوم به هو مجرد اعداد تقرير تأليفي يعين الاتجاهات العامة للتحقيق الجنائي ولا يرقى الى ابعد من كونه شبه قرينة.
ثانيا = هذا الوفد ليس هو اللجنة البرلمانية المكلفة... وحتى النائبة ـ ليلى الشتاوي ـ عضوة الوفد واللجنة. لم تستشر لا رئيس المجلس، ولا زملائها في اللجنة... وتعتبر مخالفة للتراتيب والنصوص... بما انها تستعمل اسمها وعنوانها للحصول على معلومات ليس من حقها الحصول عليها... ولكنها ستحملها لحزبها ومجموعتها البرلمانية... وتمدهم بما تعتقد انه سلاح جديد في الانتخابات البلدية.
ثالثا = ان اي تحقيق جدي، هو التحقييق الذي تقوم به الاجهزة الرسمية... عبر القنوات الرسمية الديبلوماسية والامنية سواء في نطاق ثنائي او دولي.
إن التصرف بهذه الطريقة من شانه أن يشوش على عملية التحقيق الفعلية... وأعضاء الوفد يدركون ذلك... وهم بالتالي لا يستهدفون الوصول إلى الحقيقة بقدر البحث عن معلومات قد تستغل في سجالاتهم السياسبة التونسية/التونسية كما كانو لا يستهدفون عودة العلاقات بدليل تغيبهم يوم التصويت على اللائحة بشأن إعادة العلاقات... وأن عملهم هذا كما قلت، هو عمل يمكن ان يقوم به صحفي استقصائي.
نقطة أخيرة... أن "اعادة العلاقات"مع الشقيقة سوريا... لا يتطلب الذهاب إلى سورية بل يتطلب وقفة جادة هنا في تونس... أمام الخارجية التونسية وفي البرلمان...
و سامح الله من يريد أن يتاجر في كل شيء