الخميس، 21 نوفمبر 2024

القضية الفلسطينية ... يوميات الحزن العادي ! مميز

26 جويلية 2017 -- 16:30:37 1480
  نشر في راي و تحليل

تونس/الميثاق/رأي

إن العدو الكبير للقضية الفلسطينية هو الملل ، والتسمم باسم اللامبالاة ، هو التعود عليها كفقرة عابرة فاترة في مسلسل الحياة ، هو تحولها من قضية مصير إلى فقرة في شاشات التلفزيون تنتمي إلى التساؤل حول مصير قضية و كفى.

هذا ما يحدث على أيامنا ، فالقضية الفلسطينية تعاني تفتيتا كبيرا على مستوى الخطاب، إذ تتحول من القضية الإنسانية بامتياز إلى لقطة على شريط الأخبار، أخبار يتساوى فيها المصيري مع العرضي، و تفقد فيها الأشياء الجوهرية كهربائها لفائدة انتعاش الأخبار الجديدة التي لا تتعب القلب بقدر ما تستجلب ابتسامة التعجب .. ابتسامة الخبر الغريب (المثير) الذي قلما يتساءل الناس : هو مثير لأي شيء بالضبط يا ترى ؟

لأن الإجابة التراجيدية هي أننا نعيش في زمن الإثارة العابرة ، زمن الأخبار المثيرة للفضول و كفى ، و هل يكفي الفضول لخدمة قضية إنسانية ؟ قطعا : لا !
يتم تدعيم هذا الفتور العام الذي تشهده القضية بجملة من الظروف والوقائع ، من قبيل ميل العالم بصفة عامة صوب التخلص الفلسفي من أي صنف من أصناف الشعور بالذنب، عالم يضحك و يلعب و يتفرج على الشاشات، عالم واقعه ثقيل ، يفضل استبداله بالفضاءات الافتراضية المتراوحة بين إقامة الحروب على أجهزة ألعاب الفيديو و بين التمتع بالفوز بالوكالة من

خلال مشاهدة لاعبي كرة القدم يغنون: "we are the champions" ، عالم يمزج بكل أريحية بين إنقاذ خمسين مهاجرا سوريا يفضلون الموت في ظل أمل الهجرة على الموت السلبي تحت رصاص متعدد الجنسيات ، خمسين مهاجرا غرقت بهم سفن مهترئة كانوا يحاولون، بكل بساطة ، إنقاذ حيوان «باندا» في أستراليا.

و الفحوى في ظل العولمة هي ثلاثون أو خمسون ثانية تحتلها أي مأساة أو أي ملهاة في شريط الأنباء حول العالم
ليست القضية الفلسطينية بمعزل عن هذا السياق العالمي الذي اتخذ لنفسه كنية (العولمة) دون تحديد و توضيح للمعنى الدقيق الخطير لهذه الكنية الفضفاضة
لقد كبرت في قلوبنا القضية الفلسطينية كحالة معقدة من الوعي بهوية ، و تعقدت معانيها و نحن نتورط في العالم الجديد ، فقد تحول وعينا كشباب مثقف مناضل في الجامعة تحولا عميقا و نحن نستبدل صور أطفال الحجارة و هم يقاومون السلاح بالحجارة بصورة "بروفايل" على الفايسبوك نصرة للأقصى !
نستفيق اليوم والقضية الفلسطينية قد تحولت إلى تجارة و بضاعة تغري الزبائن "الساذجين" و الشباب المنفلت حتى تحولت القضية ما يشبه الشأن الداخلي، موضوع تساؤل قد قهره التعود الذي كان يرعب محمود درويش منذ عقود : أن تتحول القضية إلى موضوع ممل يثقل على الأذن الإنصات إليه .

 

آخر تعديل في الأربعاء, 26 جويلية 2017 16:47

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة