لأن الإجابة التراجيدية هي أننا نعيش في زمن الإثارة العابرة ، زمن الأخبار المثيرة للفضول و كفى ، و هل يكفي الفضول لخدمة قضية إنسانية ؟ قطعا : لا !
يتم تدعيم هذا الفتور العام الذي تشهده القضية بجملة من الظروف والوقائع ، من قبيل ميل العالم بصفة عامة صوب التخلص الفلسفي من أي صنف من أصناف الشعور بالذنب، عالم يضحك و يلعب و يتفرج على الشاشات، عالم واقعه ثقيل ، يفضل استبداله بالفضاءات الافتراضية المتراوحة بين إقامة الحروب على أجهزة ألعاب الفيديو و بين التمتع بالفوز بالوكالة من
خلال مشاهدة لاعبي كرة القدم يغنون: "we are the champions" ، عالم يمزج بكل أريحية بين إنقاذ خمسين مهاجرا سوريا يفضلون الموت في ظل أمل الهجرة على الموت السلبي تحت رصاص متعدد الجنسيات ، خمسين مهاجرا غرقت بهم سفن مهترئة كانوا يحاولون، بكل بساطة ، إنقاذ حيوان «باندا» في أستراليا.
و الفحوى في ظل العولمة هي ثلاثون أو خمسون ثانية تحتلها أي مأساة أو أي ملهاة في شريط الأنباء حول العالم
ليست القضية الفلسطينية بمعزل عن هذا السياق العالمي الذي اتخذ لنفسه كنية (العولمة) دون تحديد و توضيح للمعنى الدقيق الخطير لهذه الكنية الفضفاضة
لقد كبرت في قلوبنا القضية الفلسطينية كحالة معقدة من الوعي بهوية ، و تعقدت معانيها و نحن نتورط في العالم الجديد ، فقد تحول وعينا كشباب مثقف مناضل في الجامعة تحولا عميقا و نحن نستبدل صور أطفال الحجارة و هم يقاومون السلاح بالحجارة بصورة "بروفايل" على الفايسبوك نصرة للأقصى !
نستفيق اليوم والقضية الفلسطينية قد تحولت إلى تجارة و بضاعة تغري الزبائن "الساذجين" و الشباب المنفلت حتى تحولت القضية ما يشبه الشأن الداخلي، موضوع تساؤل قد قهره التعود الذي كان يرعب محمود درويش منذ عقود : أن تتحول القضية إلى موضوع ممل يثقل على الأذن الإنصات إليه .