و على خلفية قرارات و دعوات بعض الحكومات الأوروبية، فقد بدأت شوارع بعض عواصم أوروبا بالتحرك و الاحتجاج تٌجاه سياسات بلدانها الطاقية.
ففي العاصمة البريطانية لندن، و بالتزامن مع تقلد وزيرة الخارجية البريطانية السابقة ليز تراس لمنصب رئاسة الوزراء، احتشد قرابة الـ 100 شخص أمام مقر إقامتها احتجاجا على ارتفاع أسعار الكهرباء، و قد جاء ذلك على ضوء الارتفاع المرتقب على أسعار الكهرباء لأعلى معدل لها هذا العام بنسبة 80 % اعتبارا من 1 أكتوبر القادم.
و للسبب ذاته، فقد شهدت مدن ألمانية على امتداد يومين احتجاجات على توريد الأسلحة لأوكرانيا وعلى رفع العقوبات ضد روسيا، وطالب المحتجون فيها بتشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 .
التشيك بدورها شهدت يوم السبت الماضي، احتجاج عدد من المواطنين قُدر ب 70 ألف شخص، ضد سياسلت الحكومة و أمهلوها شهرا واحدا لحلّ المشاكل المتعلقة بالتضخم المالي، وزيادة أسعار الطاقة والسلع والخدمات.
ضغوطات الشارع و تردي الوضع الاقتصادي و تدهور المقدرة الشرائية في عدّة بلدلن غربية، أسباب لن تُثني قادة هذه الدول على التراجع عن العقوبات على روسيا، إذ واصلت فرض عقوبات أخرى على موسكو، مقابل مواصلة تزويد أوركراني بأسحلة و أجهزة عسكرية متطورة تُقدّر بآلاف الدولارات.
كما أنّ قادة الدول بدأت بالبحث عن البدائل لعّل أبرزها فرنسا و إيطاليا.
البحث عن البدائل
فجأة، بدأ القادة الأوروبيون في التهافت على زيارة الجزائر، لا لشيء عدا البحث عن مزود للغاز عسى أن يسّد الشغور الذي تركه الغاز الروسي.
أوّل الزائرين كان رئيس الوزراء الإيطالي " ماريو دراغي"، الذي التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبوّن وتُوّج اللقاء باتفاق مع الرئيس عبد المجيد تبون لزيادة واردات الغاز بهدف التقليص من التبعية لروسيا.
الأزمة الروسية-الأوكرانية و تسببها في أزمة الطاقة، كلنت سببا غير مباشر في "إطفاء" الأزمة الديبلوماسية المندلعة بين فرنسا و مستعمرتها السابقة الجزائر، إذ أدّى الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون" زيارة إلى الجزائر في شهر أوت الماضي استمرت لثلاثة أيام و الهدف واحد و هو الغاز.
و رغم تأكيد الرئاسة الفرنسية أن الغاز الجزائري "ليس موضوع الزيارة" وأنّه "لن يتم الإعلان عن عقود كبرى أو مفاوضات هامة"، إلا أنّ الجزائر باتت مُحاورا مرغوبا به للغاية من جانب الأوروبيين الساعين إلى تقليل اعتمادهم على الغاز الروسي. وهي من بين أكبر عشرة منتجين للغاز في العالم.
و في هذا السياق فقد أثنى الرئيس الجزائري على الاتفاق الجزائري- الإيطالي بخصوص رفع واردات الغاز لإيطاليا و اعتب ذلك مفيدا في الجهد الأوروبي للتخلص من الاعتماد على الغاز الروسي.
وتبعا لهذه المشاكل الطاقية، فإن شتاء ساخنا في انتظار أوروبا ما لم يتم حلّ موارد الغاز و الكهرباء، ليبقى التساؤل مطروحا عن إمكانية أن تعصف هذه الأزمة على غرار ما تعرض له رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
مروى بن عرعار