السبت، 23 نوفمبر 2024

تدخل البنك المركزي لدعم خزينة الدولة...شر لابُدّ منه لتفادي الافلاس مميز

30 نوفمبر -0001 -- 00:09:21 225
  نشر في الميثاق اليوم

تونس/الميثاق

أثار تدخل البنك المركزي خلال الفترة الماضية لشراء سندات الخزينة العامة انتقادات عدة حيث اعتبر مخالفا للقانون وقد يزيد من التضخم في البلاد الى جانب مزيد تعميق ازمة الاقتصاد التونسي.

تدخل البنك المركزي في مناسبتين لشراء سندات اصدرتها الخزينة العامة من اجل سداد قرض خارجي وهو ما اعتبره الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان كارثة نقدية والتفاف على القانون الذي يمنعه من اقراض الدولة مباشرة او اكتتاب سندات خزينة صادرة عن الدولة.

الاستقلالية زمن الأزمات

وفي هذا اللإطار قال الخبير الاقتصادي والوزير السابق محسن حسن، في حديث  لصحيفة الشروق، إنه "من حيث المبدأ اعتبر أنّ استقلالية البنك المركزي هي مكسب وطني لابد من المحافظة عليه فهي ليست مسألة إيديولوجية، ولكن لحسن تطبيق السياسات العامة في الدولة سواء السياسات الحكومية أو السياسيات النقدية يتعين تمتيع البنك المركزي باستقلالية في مجال السياسة النقدية ومن ذلك استهداف التضخم والمحافظة على القدرة الشرائية واستقرار سعر الصرف وما إلى ذلك".

وبين حسن، أنّ هذا المبدأ يفقد معناه إذا كان البلد يعرف أزمة اقتصادية ومالية خانقة، مضيفا أنّ "جل البنوك المركزية في العالم انتهجت سياسات توسعية لمعالجة الآثار السلبية لازمة الكوفيد 19،  وأكثر البنوك المركزية استقلالية في العالم نسقت مع حكوماتها وقامت بضخ أموال طائلة لتحقيق الانعاش الاقتصادي مثلما حدث في البنك المركزي الاوروبي او الاحتياطي الفدرالي في أمريكا".

وتابع "في بعض البلدان العربية هناك تدخل للبنك المركزي مثلا في مصر في سبتمبر من السنة الماضية مجلس الشعب المصري اقر قانون يمكن البنك المركزي من تمويل خزينة الدولة المصرية في حدود يضبطها القانون تمثل 10 بالماءة من معدل الموارد الجبائية للدولة للثلاث سنوات الماضية والمغرب كذلك القانون يسمح لبنك المغرب بتمويل خزينة الدولة في حدود 5 بالمائة من الموارد الجبائية للسنة الماضية".

وأضاف الوزير السابق قائلا ، "كخلاصة البنوك المركزية استقلاليتها لا تمنعها من تمويل جزئي لخزينة الدولة وتسبقات لخزينة الدولة سواء بصفة مباشرة او من خلال شراء السندات التي تطرحها الحكومة في السوق المالية".

وبالنسبة لتونس، فقد أكّد الخبير الاقتصادي محسن حسن، أنّ المسألة ليست مقننة أي أنّ قانون 2016 ينصّ على الاستقلالية التامة للبنك المركزي في مجال السياسات النقدية التي ينتهجها لكن تلك الإستقلالية لا لم تمنع البنك المركزي من التدخل لتمويل خزينة الدولة من خلال تسبقات بصفة مباشرة مثل ما حدث في تمويل قانون المالية التكميلي لسنة 2020 حيث تدخل البنك المركزي في حدود 3 آلاف مليار تقريبا والبنك المركزي الآن يواصل تمويل خزينة الدولة بصفة غير مباشرة و أحيانامباشرة نظرا للظروف التي تعرفها بلادنا على مستوى المالية العمومية، على حد قوله.

وحول التدخل لتسديد الديون قال محسن حسن "تونس في الفترة الاخيرة كانت لديها ديون خارجية لا يمكن تأجيلها وهي مطروحة في السورق العالمية في شكل رقاع وفي ظل الصعوبات التي عرفتها المالية العمومية وفي ظل عدم قدرة بلادنا على اللجوء الى الاقتراض الخارجي وقع اللجوء الى البنك المركزي لتمويل غير مباشر للدولة حتى تتمكن من الايفاء بتعهداتها تجاه الممولين الاجانب وانا رغم الاثار السلبية لهذا الاجراء الا انني اعتبره افضل من السقوط في فخ الافلاس وعدم القدرة على سداد ديننا الخارجي فهو شر لابد منه للتوقي من مسالة عدم الايفاء بتعهداتنا الخارجية".

الحلول متوفرة ولكن

وبين الوزير السابق انه "لو لم نوفر مبلغ الدين لصنفنا في قائمة الدولة العاجزة على الايفاء بتعهداتها وذلك يمس ذلك سيادتنا المالية والاقتصادية لكن اعتقد انه اليوم ليس من الممكن المواصلة في هذا النسق من التمويل المباشر وغير المباشر لخزينة الدولة اليوم 20 بالماءة من محفظة البنوك من سندات الدولة وهذا خطير واكثر من 15 بالماءة من القروض المسدات للاقتصاد الوطني من قبل البنوك التونسية هي قروض موجهة للدولة في شكل رقاع خزينة وهذا التوجه مثل خطر حقيقي لان التمويل المباشر يؤدي الى ارتفاع التضخم وتهرئة المقدرة الشرائية للمواطن وضعف المقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي".

مضيفا "أيضا تخصيص جزء كبير من القروض البنكية لتمويل احتياجات الدولة عبر الاستثمار في رقاع الخزينة يشكل عائق امام تطور الاستثمار الخاص وتمويله والمحافظة على ديمومة النسيج الاقتصادي ويحول البنوك من بنوك تمول الاقتصاد الى بنوك تمول الخزينة، اذن الان خيار اللجوء الى البنك المركزي لتمويل خزينة الدولة بشكل مباشر او غير مباشر هو خيار مر لكنه افضل من عدم قدرة الدولة على الايفاء بتعهداتها الخارجية".

وحول الحلول الممكنة للتقليص من لجوء الدولة الى مساعدة البنك المركزي قال الدكتور محسن حسن "اقترح اولا تقنين المسالة مثلما هو الحال بالنسبة لمصر والمغرب أي انه يقع عرض تنقيح لقانون 2016 والسماح من خلاله للبنك المركزي بالقيام بتسبقات لخزينة الدولة في حدود معقولة ومضبوطة في شكل نسبة من موارد الدولة الجبائية للسنة الماضية مثلما هو الحال في المغرب وهذا القانون من شانه ان يسهل عمل وزارة المالية والحكومة الي تضع في لوحة قيادتها هاته التسبقات وتستعملها لتمويل الخزينة وتمويل احتياجاتها".

وتابع "ثانيا معالجة لجوء الدولة او التقليص من لجوء الدولة لتمويل البنك المركزي للحد من التضخم ولتوجيه الموارد المتاحة في النظام البنكي لتمويل الاستثمار وهذا يقتضي اصلاحا اقتصاديا شاملا يقوم على سياسات اقتصادية جديدة وسياسات قطاعية جديدة ويقوم على طرق تصرف في منظومة انتاجية جديدة تمكن من تطوير موارد الدولة الجبائية وتمكن من تقليص التوريد وتوفير الامكانيات المالية الضرورية للدولة".

ومن بين الحلول الاخرى اضاف محدثنا "الاصلاح الجبائي ومقاومة التهرب الضريبي وهذا اساسي الى جانب تطوير المؤسسات العمومية وتطوير النسيج الاقتصادي العمومي حتى يعود الى المساهمة في تمويل الخزينة ايضا الاقتصاد الموازي الذي يعتبر سبب رئيسي لضعف موارد الدولة، ومحاربة الفساد تقتضي محاربة تغول السوق الموازية ايضا تقلص اللجوء الى البنك المركزي يقتضي مراجعة سياسات الانفاق الحكومي".

 

كُتب في الشروق

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة