تونس/الميثاق/رأي
لننطلق من المثال القطري الجهبذ حيث تستعد دولة قطر لإجراء أول انتخابات لمجلس الشورى لأول مرة في تاريخها، في شهر أكتوبر القادم، وفي هذا الصدد صدر القانون الإنتخابي المزمع تطبيقه، ووفقا لهذا القانون، يتمتع "بحق انتخاب أعضاء مجلس الشورى كل من كانت جنسيته الأصلية قطرية وأتم 18 سنة ميلادية، ويستثني من شرط الجنسية الأصلية، كل من اكتسب الجنسية القطرية وبشرط أن يكون جده قطريا ومن مواليد دولة قطر". أي أن القطري الذي اكتسب الجنسية القطرية، والقطري المولود في قطر ووالده قطري مولود في قطر واكتسب الجنسية القطرية، لا يمكنه الانتخاب... ويجب حتى يتمتع بذلك أن يكون هو وابوه وجده قطريين ومولودين في قطر... أما هؤلاء القطريين الذين اكتسبوا الجنسية فلا يحق لهم الترشح ولو ولد جدهم العاشر في قطر... علما وأن قطر كثيرا ما تتشدد في منح الجنسية للقطريين بل وتعاقب بعضهم بسحب هذه الجنسية... وتمثل قبيلة آل مرة صورة صارخة للإقصاء، فهذه القبيلة التي تمثل حوالي 40 % من القطريين تجد نفسها بسبب طبيعتها كقبيلة بدوية لا تملك الوثائق الثبوتية للجنسية القطرية، بالإضافة إلى ما تعرضت له سنة 2005 من تجريد للعديد من أبنائها من جنسيتهم القطرية بناء على اتهامات الأمير الأب لهم بوجود امتدادات لها في السعودية...
وتكتمل الصورة الديمقراطية لراعي الإخوان القطري، عندما نعلم أن مجلس الشورى هذا سيضم 45 شخصا لا ينتخب منهم "الشعب"، إلا ثلاثين نائبا فقط ويعين الأمير الخمسة عشر (15 ) نائبا الآخرين...
أما في المثال التركي فبعد أن فكك أوردوغان الجيش، وبعد أن حارب الأكراد، وبعد أن حول النظام البرلماني التركي إلى نظام رئاسوي محض ، شيد أوردوغان الديمقراطي جدّاااااااا 131 سجنًا جديداً منذ محاولة الانقلاب المزعومة في تركيا عام 2016، لاستيعاب آلاف المعارضين، وضحايا الاعتقالات الجماعية، فأوردوغان يضيق ذرعًا بكل مَنْ ينتقد سياساته الخاطئة، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، لذلك يكثِّف بناء السجون، خلال الفترة الأخيرة، لاستيعاب أي تركي يعارض هذه السياسات… حتى بلغ عدد السجناء في تركيا ما يناهز 300 الف سجين، لا تفوقها في ذلك الا الولايات المتحدة الأمريكية لكن بعدد سكان يساوي 4 أضعاف سكان تركيا، والصين 17 ضعفًا، والبرازيل 2.5 ضعف، وروسيا ضعفان، والهند 16 ضعفًا.
فأردوغان الذي سبق أن تشدق بأنه سيجعل تركيا الأولى في كل شيء، صدق في أن جعلها الأولى في عدد السجون والسجناء...