بعضهم لا يجد حرجا مثلاً في أن يتمنى عودة الوفد التونسي من واشنطن بخفي حنين، وبعضهم يبدي فرحا لخبر أغلب الظن أنه ملفق، أن أمير الشقيقة قطر رفض استقبال رئيس البرلمان التونسي، وثالث يدعو الله أن يعود الرئيس سعيّد من مصر بمخطط جهنّمي في الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي، ورابع يسخّرُ نفسه لايغار صدر الإماراتي أو السعودي أو الفرنسي أو الامريكي على إخوانه في الوطن، المهم أن لا ينجح التيار "الفلاني" أو "العلاني"، وعلى هذا النحو وبدل أن يوظف التونسيون علاقاتهم لخدمة مصالح بلادهم، على نحو يجعل الأطراف الإقليمية والدولية تتنافس لكسب ودنا وتطوير العلاقات والمصالح مع بلادنا، فانهم يوظفونها في الاتجاه المعاكس تماماً، مما يجعل الوطن ساحة حرب بالوكالة بين الطوابير الخامسة لهذه القوى او تلك.
هناك تونسيون لديهم علاقات بفرنسا وآخرون بالولايات المتحدة، وثالثون بالخليج، ورابعون بإيران، وخامسون بتركيا، وسادسون بدول أخرى شقيقة وصديقة كثيرة، وعوض أن نجعل من بلدنا أرض لقاء وحوار ومصالح مشتركة، مفتوحة أمام الجميع، نجاهد جميعا لتعبئة الموارد لأجلها والاستثمار فيها، يقدم بعضنا أنفسهم وكلاء لتصفية الحسابات الضيقة على أرضها وخوض الحروب بالوكالة ضد مواطنيهم وأبناء جلدتهم، وهكذا يعتبر بعض "التوانسة" الآخرين أعداء لدودين يقدّم عداؤهم على عداء أي أجنبي بما في ذلك الصهيوني، وهو أمر لا يمكن أن تستسيغه العقول السوية ولكن تهلّلُ له وتكبّر النفوس المريضة التي افتقدت الحس السليم والبوصلة الصحيحة.
د.خالد شوكات