في إطار مبادرة "الميتر" التي أطلقتها منظمة أنا يقظ منذ سنة 2014 حيث قمنا بمتابعة وتقييم وعود 5 رؤساء حكومات ورئيسي جمهورية، وبعد مرور سنة على تولي رئيسة الحكومة السيدة نجلاء بودن لمهامها، أعلنت منظمة أنا يقظ اليوم 08 نوفمبر 2022 عن نتائج التقرير السنوي لـ "بودن ميتر". ويحتوي هذا التقرير على 17 وعدا تم تجميعها من خلال الخطاب اليتيم الذي ألقته رئيسة الحكومة عند توليها لمهامها في شهر أكتوبر 2021.
وقد اعتبرت منظمة أنا يقظ أن حكومة بودن، إضافة إلى تبعيتها لرئيس الجمهورية قيس سعيد، غير قادرة على الإنجاز. حيث دعا رئيس الجمهورية رئيسة الحكومة في العديد من المناسبات إلى "إيجاد حلول" خاصة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ولكن يبدو أن رئيس الجمهورية ينتظر الحلول من حكومة عاجزة لا تملك الحلول أصلا رغم انها المسؤول الأول عن تنفيذ السياسات العمومية للدولة.
من الجانب الاقتصادي، اعتبرت المنظمة أن الحكومة لم تعمل على إيجاد أية حلول للتصدي لظاهرة فقدان المواد الأساسية وغلاء الأسعار والتضخم والتي تفاقمت خلال السنة الفارطة، حيث بلغت نسبة التضخم رقما قياسيا خلال شهر أكتوبر الفارط يقدر بـ 9.2% وهي النسبة الأعلى منذ الثورة. إضافة إلى ذلك، استنكرت منظمة أنا يقظ سياسة التعتيم والمغالطة التي تنتهجها الحكومة الحالية فيما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وخاصة وأن مثل هذه الالتزامات تهم حاضر ومستقبل كل التونسيات والتونسيين.
أما بخصوص الجانب الاجتماعي فقد اعتبرت منظمة أنا يقظ أن عديد المشاكل قد تفاقمت خلال فترة حكم السيدة نجلاء بودن ولعل أبرز هذه التحديات هي مسألة الهجرة غير الشرعية. حيث سجّلت سنة 2022 أكبر عدد من التونسيين الواصلين الى السواحل الإيطالية عبر الهجرة غير النظامية مقارنة بال 4 سنوات الماضية، وذلك حسب إحصائيات قدمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وفي المقابل اعتبرت المنظمة أن الحكومة لم تقم بأي مجهود يذكر للحد من هذه الظاهرة مقابل الاعتماد فقط على المقاربة البوليسية. إضافة إلى ذلك، عجزت الحكومة الحالية عن إيجاد حل لما يقارب المائة ألف تلميذ وتلميذة والذين لم يلتحقوا بعد بمقاعد الدراسة لحد كتابة هذه الأسطر بسبب عدم التوصل إلى حل حول التشغيل الهش للمعلمين النواب. يأتي ذلك إضافة إلى تخوف رئيسة الحكومة الحالية من منح 2300 مسكن اجتماعي جاهز منذ سنة 2018 وذلك خوفا مما قد ينجر عن ذلك من تحركات اجتماعية إضافة إلى مشاكل النقل والصحة التي ازدادت سوء خلال السنة الماضية.
من الجانب الحقوقي، اعتبرت المنظمة أن تونس قد شهدت انتكاسة خلال فترة حكم نجلاء بودن. حيث شهدت السنة الفارطة ارتفاعا قياسياً في نسب الاعتداءات على الصحفيين وكذلك نسب الاعتداءات البوليسية على المواطنين التي تصل إلى حد التعذيب والتي انتهت في عديد المناسبات بوفاة المعتدى عليهم دون تحرك من الحكومة وخاصة وزارة الداخلية للحد من هذه الاعتداءات. كما اعتبرت أنا يقظ أن جهود مكافحة الفساد، والتي كانت من أولويات الحكومة، قد شهدت نفس الانتكاسة، إذ وإلى حد اللحظة لم تفتح أبواب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهو ما أدى إلى مزيد تردي وضعية المبلغين عن الفساد ماديا ومعنوياً وانتشار الخوف لدى زملائهم من التبليغ خشية التنكيل بهم.
وبخصوص الجانب الاتصالي، اعتبرت أنا يقظ أن حكومة بودن هي الأكثر غيابا منذ 2011. حيث أن كل رؤساء الحكومة السابقين قد أجروا حوارات صحفية وتوجهوا بخطابات للمواطنين، ولكن السيدة نجلاء بودن هي رئيسة الحكومة الوحيدة التي أجرت صفر حوار صحفي واكتفت بخطاب وحيد للشعب التونسي في أكتوبر من السنة الماضية. إضافة إلى ذلك، لم يقم جل الوزراء بلقاءات أو حوارات صحفية وهو ما يطرح عديد نقاط الاستفهام حول سياسة التواصل للحكومة الحالية.
إجمالا، اعتبرت منظمة أنا يقظ أن حكومة نجلاء بودن أو حكومة "لا أرى لا أسمع لا أتكلم" هي الأكثر فشلا منذ الثورة من ناحية الإنجازات والالتزام بالوعود وكذلك من الناحية الاتصالية. كما اعتبرت المنظمة أن رئيس الجمهورية قيس سعيد شريك في هذا الفشل ولتعويله، مرة أخرى، على حكومة فاشلة لإيجاد الحلول في ظل الوضعية السياسية، الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي تعيشها البلاد.