الثلاثاء، 03 ديسمبر 2024

ليست خلافات

15 جوان 2017 -- 12:40:19 1440
  نشر في راي و تحليل

تونس/الميثاق/تحليل


ما يجري من تطورات سياسيه كبرى في منطقه الخليج، وتحديدا بين السعودية والإمارات ومعهما مصر والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، يتجاوز في حجمه ودلالاته مفهوم الخلافات بين الدول، فالأمر ليس تباينا في طريقه فهم قضية أو تعامل مع ملف، بل إعادة هيكلة المنطقة الخليجية والإقليم، وإذا ما استمر الأمر حتى نهاياته فإن مشهدا مختلفا قد نراه في المنطقة.
فقطر ليست دولة اختلفت مع جيران لها أو أشقاء، لكنها دولة عملت منذ أكثر من عقدين من الزمان على ممارسة أدوار وتبني مسارات تبحث من خلالها عن نفوذ ومكانة، كما قبلت كل الأدوار ‏‫والمهمات التي تم إسنادها لها من الكبار، حتى لو كانت على حساب من حولها.

وفِي فترة ما يسمى بالربيع العربي دخلت معظم الساحات المتحركة، وعملت على أن تكون من اللاعبين الأساسيين، حتى لو كان هذا على حساب استقرار تلك الساحات والدول.

وما يجري اليوم بين قطر وعدد من الدول الخليجية والعربية هو إنهاء لحالة المجاملة التي كانت تسود تلك العلاقات عبر سنوات طويلة، وهذه ليست حاله غضب أو "زعل" من تلك الدول تجاه قطر، بل هي مسار تعمل الدول التي فيه على إعادة هيكلة دور قطر ومسارها السياسي وحجمها.

قرار قطع العلاقات الذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وامتد إلى دول أخرى، خطوه باتجاه الضغط السياسي والاقتصادي، وهو أيضا ضغط على الداخل القطري ومكونات الدولة القطرية، لتذهب باتجاه خطوات توقف فيها أي اثار صعبة على الدوحة.

وقرار قطع العلاقات وما تبعه من خطوات اقتصادية وسياسية أشبه بالمقاطعة الكاملة، التي قد تصل بقطر لتصبح جزيرة شبه معزولة في الإقليم، وحتى الدول التي لن تقطع علاقاتها بقطر لن تستطيع المحافظة على العلاقات الطبيعية معها تحرجا من السعودية والإمارات ومصر .

الدول التي تخوض معركه "أزمة قطر" لا تريد منها تصريحات صحفية تعتذر أو توضح أو تنفي مواقف وكلام منسوب للقيادة القطرية، بل تريد قطر الجديدة بأحلامها السياسية ومواقفها وتحالفاتها بحيث يكون المسار القطري جزءا من الحالة الخليجية .

وعلى الصعيد الإقليمي ربما على قطر أن تفكك مجموعه تحالفاتها مع الإخوان وحماس وتقاربها مع إيران، وسيطرتها على تنظيمات في ليبيا وحتى سوريا، وأيضا أن تتعامل مع الدول وليس مع خصومها كما في الحالة المصرية.

إذا ما استمرت الأحداث في ملف الخليج كما هي اليوم، وهذا متوقع، فإن النهاية لن تكون مصالحة تقليدية، بل إعادة هيكلة للحالة الخليجية تترك آثارا كبرى على الإقليم، وحتى الدول التي تحاول الصمت في هذه الأزمة فإنها ستضطر بعد حين إلى بعض التحرك، خاصة إذا ما تأكد لها أن الأمر ليس خلافا يستدعي بعض الحكمة، بل مسار سيعيد رسم بعض المعالم المفصلية.


سميح المعايطة - كاتب أردني

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة