وفِي فترة ما يسمى بالربيع العربي دخلت معظم الساحات المتحركة، وعملت على أن تكون من اللاعبين الأساسيين، حتى لو كان هذا على حساب استقرار تلك الساحات والدول.
وما يجري اليوم بين قطر وعدد من الدول الخليجية والعربية هو إنهاء لحالة المجاملة التي كانت تسود تلك العلاقات عبر سنوات طويلة، وهذه ليست حاله غضب أو "زعل" من تلك الدول تجاه قطر، بل هي مسار تعمل الدول التي فيه على إعادة هيكلة دور قطر ومسارها السياسي وحجمها.
قرار قطع العلاقات الذي اتخذته السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وامتد إلى دول أخرى، خطوه باتجاه الضغط السياسي والاقتصادي، وهو أيضا ضغط على الداخل القطري ومكونات الدولة القطرية، لتذهب باتجاه خطوات توقف فيها أي اثار صعبة على الدوحة.
وقرار قطع العلاقات وما تبعه من خطوات اقتصادية وسياسية أشبه بالمقاطعة الكاملة، التي قد تصل بقطر لتصبح جزيرة شبه معزولة في الإقليم، وحتى الدول التي لن تقطع علاقاتها بقطر لن تستطيع المحافظة على العلاقات الطبيعية معها تحرجا من السعودية والإمارات ومصر .
الدول التي تخوض معركه "أزمة قطر" لا تريد منها تصريحات صحفية تعتذر أو توضح أو تنفي مواقف وكلام منسوب للقيادة القطرية، بل تريد قطر الجديدة بأحلامها السياسية ومواقفها وتحالفاتها بحيث يكون المسار القطري جزءا من الحالة الخليجية .
وعلى الصعيد الإقليمي ربما على قطر أن تفكك مجموعه تحالفاتها مع الإخوان وحماس وتقاربها مع إيران، وسيطرتها على تنظيمات في ليبيا وحتى سوريا، وأيضا أن تتعامل مع الدول وليس مع خصومها كما في الحالة المصرية.
إذا ما استمرت الأحداث في ملف الخليج كما هي اليوم، وهذا متوقع، فإن النهاية لن تكون مصالحة تقليدية، بل إعادة هيكلة للحالة الخليجية تترك آثارا كبرى على الإقليم، وحتى الدول التي تحاول الصمت في هذه الأزمة فإنها ستضطر بعد حين إلى بعض التحرك، خاصة إذا ما تأكد لها أن الأمر ليس خلافا يستدعي بعض الحكمة، بل مسار سيعيد رسم بعض المعالم المفصلية.
سميح المعايطة - كاتب أردني