الثلاثاء، 03 ديسمبر 2024

تعليقا على مقاطعة دول عربية لقطر/زهير مخلوف:شماعة اتهام قطر بمساندة الإرهاب سخيف مميز

06 جوان 2017 -- 11:33:23 1535
  نشر في راي و تحليل

تونس/الميثاق/رأي

إذا أردنا أن نفهم ظاهرة اجتماعية أو حدث سياسي أو أزمة بين أشخاص أو مجموعات أو دول فيجدر بنا أن نغوص في أعماق الحدث أو الظاهرة أو الأزمة وأن نسلط عليها مسطرة تقييمية أو معايير ثابتة غير متحركة مع استعمال المرآت المكبرة والعدسات ثنائيّة البؤرة دون الالتجاء للمنظار المقعّر أو المحدّب خوفا من إعطاء صورة مشوهة أو معكوسة.

ونظرة فاحصة ودقيقة على مُدْخلات الخلاف بين الامارات والسعودية من جهة وقطر من جهة ثانية وأسبابها وحيثيّاتها والتداعيات الممكنة ، مثل هذه النظرة المتعمّقة وهذا الغوص النافذ في الأعماق قد يُرسي بنا على شاطئ الفهم المتبصّر وعند مرسى الأمان الهادئ ولكن من دون الإصرار على التجديف في بحار لجيّة هائجة مائجة متلاطمة .

سنبدأ تحليلنا للحدث والأزمة بين دول الخليج الثلاث بشكل استثنائي غير معهود وسنقلب الهرم بشكل عكسي وذلك بالردّ على ادّعاءات السعودية والإمارات حول موضوع خلافهما مع قطر وإثبات تهافت المزاعم حتى نصل لاستكشاف خبايا حقيقة الخلاف وأسراره وخفاياه ، حيث ادعت السعودية والإمارات أن تقاربا قد حصل بين هذه الأخيرة وبين ايران وأن تصريحات قد صدرت عن الأمير القطري "تميم" تبارك العلاقة الجديدة ، وأن هذا الأخير قد دعّم الإخوان وحماس، وأنه علاوة على ذلك قد ساند الارهاب !!!!!

ونقول في هذا الصدد لو كان الأمر صحيحا أو به مسّ علاقة من الحقّ لعاقبوا الكويت التي استقبلت الرئيس الايراني بشكل غير مسبوق وأبدى فرحاً مبالغا فيه بحضور وَفْدِهِ وأنجز معه اتفاقيات تجارية واقتصادية معتبرة، ويجدر بناأن نسأل ونحن في هذا المقام : هل أنهم يجهلون حقيقة العلاقات الاقتصادية والمالية بين قطر وايران وجاءهم وحي السماء فاكتشفوا هذه العلاقات الاقتصادية المتينة وخاصة بعد رفع العقوبات على ايران ولم يعد هنالك مبرر للغضب أو للإمتعاض باعتبار التزام الجميع بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي رفعت الحصار والمحرمات ، طبعا لا يمكن أن نصدّق هذا التعليل باعتبار ان الإمارات أيضاً لها علاقة أكبر وأكبر في مستوى تبادلها التجاري مع ايران والتي فاقت 6.2 مليار دولار ، ولو كان ذلك صحيحا لكانت سلطنة عمان العضو بمجلس التعاون الخليجي وهي الحليف الاستراتيجي لإيران أوّلْ من يجب تسليط العقوبات عليه ، هذا أولا .

أمّا ثانيا فالعلاقة بالإخوان المسلمين كانت تحت طلب الإدارة الأمريكية وكانت ضمن خطّة مشروع الشرق الأوسط والمنطقة العربية لإحداث التغييرات المفروضة أمريكيا في المنطقة ككلّ وكان التفويض الأمريكي لقطر لقيامها بهذا الدعم والإسناد المُعْلن والصريح لمجموعات الإخوان من أجل إيصالهم للحكم .
ثمّ لم يعد هناك مبرر للخوف منهم خاصة بعدما غادروا سدّة الحكم في كل الدول العربية ، والسؤال الذي يطرح نفسهُ : ما الذي يخيف الدولتين من بقاء الدعم الشكلاني للإخوان وقد أصبحوا ضحايا الحكم الذي تقلدوه وعنوان فشل حقيقي وأغلبهم أصبح مطاردا أو مسجونا أو مغضوب عليه وطنيا ودوليّا ، وكان الأجدر لو كان الأمر صحيحا أن يغضبوا من تركيا وهي الداعم الرئيسي للإخوان في العالم العربي والإسلامي؟!

ولسائل أن يسأل هل أنّهم اكتشفوا دعم قطر للإخوان في هذه الأيام الأخيرة أو أن هذا الدعم لم يكن تحت مظلة المراقبة والموافقة الأمريكيّة ؟؟! مالكم كيف تحكمون؟؟!.
ثالثا : أمّا شماعة اتهام قطر بمساندة الإرهاب فهو من السخافة بمكان حيث يعلم الجميع أن دول الخليج مجتمعة باستثناء سلطنة عمان قد دعّمت الارهاب في سوريا والعراق، وموّلت الارهابيين ومكنتهم من السلاح والعتاد والأموال وحتى الفتوى والرأي الفقهي وما سيارات "تويوطا اليابانية إلا دليلا وحجة وما ولاء المجموعات المسلحة لهذه المملكة أو تلك الإمارة في حربهم في سوريا أو العراق الا حجة ودليلا قاطعا ومكشوفا .

ثمّ إن دعم الإرهاب والإرهابيين قد جاء ضمن نسق وخيار أمريكي معلن لإسقاط بشار وإرهاق العراق التي تمردت نسبيا عن سلطة الأمريكان المباشرة ، وقد استعمل العمّ "سام"دول الخليج لإنجاز هذه المهمات القذرة ، والمفضوحة. فلما الإدعاء- إذا- والزعم بدعم قطر حصريّا للإرهاب في المنطقة؟؟!
إنّ مثل هذه الشماعات والشعارات والإدعاءات المزعومة لا تصمد حجيّتها عند أصحاب العقول السليمة أو لدى الباحثين المبتدئين أو لدى أبسط محلل يُعايش الواقع والأحداث بعقل رصين.
إنّ إلقاء نظرة بسيطة حول الأسباب الحقيقية لاندلاع الخلافات أو بروز الأزمات في العالم سواء بين الدول أو الأفراد أو المجموعات إنما يكمن مأتاه من حصول خلاف مالي أو إخلال حاصل في التعامل التجاري او الاقتصادي أو النقدي،أو تهديد مباشر بعضهم لبعض لأمنهم القومي .

ولمتابعة وتسليط هذه القاعدة المرجعيّة على موضوع الخلاف القائم وجدنا أن كل الأسباب المفترضة والمعلنة تتهاوى صدقيّتُها وتتهافت دلائلها بشكل منطقي وعقلي وإخباري ،
فالخلاف بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة ثانية قد طفح على السطح واندلع مباشرة يوم زيارة " ترامب"لقمّة السعوديّة، وحيثيات ذلك أنّه وقبل زيارته للمملكة طالب دول الخليج الثلاث بما يعادل تريليون دولار ونصف (1500 مليار دولار) مقابل الأعمال التي أنجزتها أمريكا في الحروب ضد أعداء هذه الدول سواء (العراق وسوريا واليمن) وكذلك إتاوات ومصاريف القواعد العسكرية وتواجد قوات المارينز هناك للمحافظة على عروش هؤلاء،خوفا من الغول الايراني الموهوم . وقد قَبِلَ الجميع بتقديم التعويضات والإتاوات، صاغرين طائعين ، ولكن تفاجأ الجميع بتراجع قطر عن وعدها بدفع حصّتها من هذه الفدية أو الجزية المفروضة وحصل الخلاف المفاجئ يوم القمّة المشهودة.

ومباشرة انطلقت الحرب الاعلامية المعلنة من يومها بمباركة أمريكيّة ولكنها أخذت عناوين أخرى محرّفة وغير دقيقة، واستُعْمِلٓت فيها الأدوات الإعلامية المضللة ومن دون الإتيان على السبب الحقيقي المشين والمذلّ بسبب أنه وفي حال الإعلان عن ذلك فإن اقتصاديات تلك الدول قد تشهد جميعها انتكاسة غير مسبوقة ولكنها مدمّرة حيث ستشهد هبوطا دراماتيكيا في الأسهم ببورصاتهم جميعها ويحصل ما حصل للنمور الآسيوية في سنوات الألفينات ويفقد المستثمرون ثقتهم وهو ما سيدفعهم لتحويل وجهة أموالهم إلى مناطق أخرى من العالم أكثر استقرارا وأكثر ربحا وهو ما قد يهدد الأمن القومي لدول الخليج كلها .

وإزاء خطورة هذا الأمر، لجأ الجميع إلى خوض الحرب المعلنة دون ذكر أسبابها ومسبباتها وحيثيات انطلاقها وخفايا اندلاعها بمثل هذه السرعة وبمثل هذه الشراسة.
وقد هدف الجميع كسر عظم اليد القطريّة وإرغامها على القبول بدفع الجزية سبيلا للنجاة ومخرجا من المتاهة ومنقذا من الضلال ، وانتم تلاحظون كيف استعمل الأمريكان أقوى سبل الضغط الممكنة وأقصاها حين هددوا بنقل قاعدة " العديد"العسكرية من قطر وامكانية عدم احتضانها لمباريات كأس العالم لكرة القدم سنة 2022 .

نعتقد أن ما حصل من خلاف بين الامارات والسعودية من جهة وقطر من جهة ثانية هو نوع من تقاسم الأدوار وتدوير الزوايا لتمكين السعودية من دور أكبر يليق بها، ونعتقد أن تحالفها مع الإمارات لن يدوم بهذا التآلف الظاهر وأن الجميع يتخبط خوفا من نقل الثورات لمنطقة الخليج كما كان مبرمجا له ، وأن قطر ستدخل بيت الطاعة وستدفع نصيبها من الجزية عن يدٍ وهي صاغرة وإمّا فإن المخطط القادم سيتبلور بإزاحة " تميم " وأمه من الحكم سواء بانقلاب عائلي من أبناء العمومة أو بعد تشديد الخناق الاقتصادي عليها وتثوير الجماهير ضد سلطة الأمير القائمة تعويقا له من كل محاولة للاستنجاد بأوربا والمستثمرين الذين يكنزون أموالهم لتعطيل عملية الإطاحة به هناك.

ونستبعد ما ذهب اليه عديد المحللين من نزوع قطر نحو الإتجاه والهرولة صوب ايران وروسيا ودخولها في هذا المحور فليس هناك شفيع يشفع لها عن جرائمها في سوريا والعراق والشيشان وليبيا وذاكرة الروس والإيرانيين ليست قصيرة حتى يقبلوا بإنقاذها مثلموا فعلوا مع سوريا وقد تشهد الثلاث أيام القادمة نوعا من التهدئة والترضية والرضوخ للإملاءات وقبول تميم بإعطاء الفدية في حال قَبِلَ" ترامب "ذلك أو ، فإنّ رحيل "تميم بن حمد" سيكون سريعا ولكن بخلاف السرعة التي توقعها وتوهمها عند تقديم وعد برحيل "بشار الأسد" ، فالحصار الاقتصادي قادم وإن صمد لأيام فالثورة سترحل به لا محالة .

زهير مخلوف

 

 

 

 

 

 

آخر تعديل في الثلاثاء, 06 جوان 2017 12:06

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة