وإحدى نواقض التطرّف المنطق والعقل، لأن الجماعات المتطرفة لا تحتكر الدين وفهمه فحسب، ولا تعطي لنفسها فقط حق تحديد من هو المسلم من غير المسلم بكل ما ينبني عليه من أحكام منها حق هذه الجماعات في قتل من هم خارج إطار هذه التنظيمات وسبي النساء وكل ما يملكون، بل تصل عقلية الاحتكار إلى الجنة ومن يدخلها.
فالمغفرة والرحمة والمكافأة التي وعد الله بها عباده المؤمنين وهي الجنة، هذه الأمور التي هي من قدرات الله تعالى، سلبتها هذه التنظيمات لنفسها وأصبحت تقرر اعتبار كل خصومها من أهل النار، حتى لو كانوا مؤمنين ومسلمين يقومون بحقوق الله تعالى.
لكن هذا الاحتكار للجنة يواجه تساؤلا كبيرا في سياق هذه الجماعات المتطرفة مع بعضها البعض، لأنها تدخل في مواجهات عسكرية وفكرية مع بعضها البعض.
فكثيرا ما نسمع أن تنظيما منها دخل في حالة صراع عسكري مع تنظيم كان بالأمس حليفه وجزءا من معسكره الفكري، وفي هذه المواجهات يسقط القتلى من الطرفين، وكل طرف من الأطراف يصدر قراره باعتبار قتلاه من أهل الجنة، ويحكم على قتلى الطرف الآخر بدخول النار مع أنهم كانوا قبل فترة وجيزة معا في معسكر واحد، فأي الطرفين في الجنة؟ ومن هم الشهداء والمدافعين عن دين الله في معارك تنظيمات التطرّف معا؟
قبل عشرات السنين كان اقتتال هذه التنظيمات في أفغانستان وبخاصة بعد خروج الاتحاد السوفييتي، ودخول مرحلة تقاسم المكاسب.
واليوم نرى هذا القتال بين حين وآخر في سوريا والعراق وليبيا، فكلهم "مجاهدون" وهم من يستحقون لقب المسلم، وحين يقتتلون يتحول قتلاهم إلى شهداء أو وقود للنار، وكل طرف يقرر اعتبار قتلاه ورثة الجنة والآخرين وقود النار.
هو الفكر عندما ينحرف، وهو الفهم المشوه للدين ونصوصه، واستغلال هذه النصوص خدمة لمصالح تنظيم أو جماعه.
فالله تعالى لم يخلق الجنة لتنظيم ولم يجعل الدين محتكرا لعصابة تطلق الحكم على الآخرين بالموت والكفر والنار.
المصدر:سكاي نيوز/للكاتب سميح المعايطة