يبدو أن فوز ترامب غير المتوقع في انتخابات الرئاسة الأمريكية يدفع قيادة الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ قرار بإنشاء جيش أوروبي خاص. فبحسب اعتقاد رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر "هذه العملية لا مفر منها"، لأن الولايات المتحدة، وفق رأيه، سترفض ضمان أمن أوروبا على المدى البعيد. وكما هو معلوم، فإن ترامب أعلن خلال حملته الانتخابية مرارا أن على أمريكا التخلي عن دور "الشرطي العالمي"، والتركيز على حل مشكلاتها الداخلية.
وترى قيادة الاتحاد الأوروبي أن هناك أسبابا أخرى تفرض إنشاء الجيش الأوروبي الخاص. ومنها انسحاب بريطانيا من الاتحاد، وتفاقم أزمة اللاجئين، وتوسع الإرهاب وانتشاره في أوروبا، وأيضا "الخطر الروسي" المفترض.
وكانت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قد وعدت قبل إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية بعرض المقترح الخاص بتعزيز القدرات العسكرية كأحد عناصر سياسة الأمن والدفاع في الاتحاد قبل نهاية نوفمبرالثاني الجاري.
ويذكر أن فرنسا وألمانيا كانتا قد عرضتا في سبتمبرالماضي مشروع خطة لإنشاء "قوة عسكرية مشتركة"، "ستنافس الناتو بإمكانياتها العسكرية". والقرار النهائي بشأن هذه الخطة يجب أن يتخذ خلال الأشهر القريبة المقبلة.
رسميا لم تتفق موغيريني مع رأي يونكر بشأن الجيش الأوروبي، ولكنها أعربت، يوم 7 من الشهر الجاري أمام رؤساء هيئات أركان دول الاتحاد المجتمعين في بروكسل، عن نيتها مناقشة "خطة تطبيق السياسة الأوروبية في مجال الأمن والدفاع"، يوم 14 نوفمبر الجاري، مع وزراء خارجية ودفاع الدول الأعضاء في الاتحاد. وبحسب قولها، تتألف الخطة من: قدرات الاتحاد على التفاعل مع النزاعات الخارجية والأزمات وتعزيز القدرات الدفاعية لدول الاتحاد الضعيفة والدفاع عن الاتحاد ومواطنيه.
وتعدُّ فرنسا وألمانيا من الدول المتحمسة جدا في هذا المجال إلى جانب التشيك، التي كانت قد اقترحت مناقشة هذه المسألة في قمة الاتحاد، التي انعقدت في شهر أوت الماضي، في حين رفضت لاتفيا وبريطانيا هذه الفكرة، واتخذت عدة دول موقفا محايدا منها، على أمل تعزيز قدرات الناتو في شرق أوروبا من جانب الولايات المتحدة. ولكن يبدو بعد فوز ترامب أن كل شيء سيتغير، وأن الاتحاد الأوروبي سيضطر إلى الاعتماد على قدراته الذاتية، كما قال يونكر.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن لبعض دول الاتحاد الأوروبي تشكيلات مشتركة ليس فيها عسكريون من الولايات المتحدة وكندا. مثل اللواء الفرنسي–الألماني الذي يرابط في مدينة مولهايم الألمانية، وأيضا الفيلق الألماني-البولندي–الدنماركي المرابط في مدينة شيتسين البولندية.
من جانبه، لا يرى الخبير العسكري الجنرال الروسي المتقاعد يوري نيتكاتشيف "مشكلة عسكرية كبيرة في انسحاب جنود البنتاغون من أوروبا، أو تقليص دورهم فيها. لأن العمود الفقري للتشكيلات العسكرية الأوروبية يرابط على مقربة من حدودنا. أي لن يتغير شيء". ويثق الجنرال بأن "نظام توجيه القوات المستخدم في الناتو، يمكن أن يستخدم في الجيش الأوروبي بسهولة". ولكنه يؤكد أنه في حال غياب المساعدة العسكرية الأمريكية، سيضطر الجيش الأوروبي إلى البحث عن موارد مالية في دول الاتحاد لكي يستمر وجوده.
أما نائب رئيس المجلس العام في وزارة الدفاع الروسية ألكسندر كانيشين، فيقول "لن تتحول السياسة العسكرية الأمريكية في أوروبا بعد انتخاب ترامب فورا بـ 180 درجة. لأن لها مصالحها هنا. وترامب كرئيس للبلاد ملزم بحمايتها". وأضاف: لا يمكن التكهن في الوقت الحاضر بالتغير الذي سيحصل في الناتو، وكيف سيكون دور واشنطن فيه.
المصدر:روسيا اليوم