فرحت الشعوب العربية بأنديتها الأربعة المشاركة في مونديال قطر، وتمنت لو أنها تفوز في كل مباراة، وتصل إلى التصفيات النهائية، وتفوز إحداها بكأس العالم وتهدي نصرها إلى فلسطين، وتسجل موقفها من المستطيل الأخضر إلى كل العالم أن الأمة العربية كلها مع فلسطين، وأنها تؤيدها وتقف معها، وتساندها ولا تتخلى عنها، وأنها جاهزة للقتال مع أهلها والتضحية من أجلها، ففلسطين بالنسبة لهم جزءٌ من عقيدتهم، وهي آيةٌ من كتاب ربهم، والأقصى أرض الإسراء ومنطلق المعراج، مسجدهم المبارك وقبلتهم الأولى.
قدمت الأندية العربية الأربعة التي شاركت في المونديال عروضاً رائعة أظهرت تميزها وأكدت على جدارتها، فقد كان أداؤها رائعاً ومميزاً، وإن كانت ثلاثة منها قد خرجت من المنافسة، ولم تتمكن من التأهل لمباريات الدور الثاني، وهذه هي أصول المباريات وقواعد المونديال، إلا أن أسود الأطلس المغربي ما زالوا في الملاعب، ينافسون بجدارةٍ على الدور النهائي، مما جعلهم محط آمال مشجعي كرة القدم العرب، الذين يتوقون إلى نصرٍ، ويتطلعون إلى فوزٍ، ويأملون الفوز بكأس العالم، إذ يعنيهم كثيراً رفع أرصدتهم وتحسين صورتهم، وإظهار العرب بأنهم أمة حضارية تستحق الفوز وتستأهل الصدارة.
صحيحٌ أنهم لاعبون رياضيون، يتقاذفون الكرة ويدافعون عن مرماهم، ويصدون الهجمات ويغيرون على الخصم ويضغطونه، ويلتفون عليه ويباغتونه، إلا أنهم أثبتوا أنهم جميعاً أندية لفلسطين وفِرَقاً لها، يلعبون لنصرتها، ويجتهدون لرفع قضيتها، والذود عن حياضها، وقد بدوا جميعاً في قطر، لاعبين ومشاهدين، ووافدين ومقيمين، ومواطنين وزائرين، جنوداً بواسل من أجل فلسطين، لا يهتفون إلا باسمها، ولا يرفعون إلا علمها، ولا يذكرون إلا شعبها، وكأن المونديال كان فرصتهم الموعودة وضالتهم المنشودة، للتعبير عن حقيقة مواقفهم تجاه فلسطين التي يحبون، وتجاه الاحتلال الذي يكرهون ويعادون.
إنها فلسطين تتألق وتسمو، ويسطع اسمها وتطغى على المونديال قضيتها، ويبدع اللاعبون في تسليط الضوء عليها ولفت الأنظار إليها، وعما قريب سيتألق أسود الأطلس، أبطال المغرب ومنتخب العرب، كتألق كتائب عرين الأسود في نابلس، وكتائب جبع وجنين، ونسور القدس وصقور غزة، وسيهدون إلى الأمة العربية نصراً جديداً ولو كان في ملاعب الكرة، وستفرح الأمة بانتصارهم، وسيبتهج الفلسطينيون بتأهلهم، كما سيغضب العدو لفوزهم، وسيحزن لسموِ مكانتهم وعلو صوتهم، وقد علم يقيناً أنهم في قطر قد جاؤوا ليغيظوه، واجتمعوا ليهينوه، واتفقوا ليطردوه، وتعاهدوا ليقاطعوه.
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي