في تاريخ المافيا الايطالية و هي تتمدد و تصفي كل من خرج عنها ، بقيت الدولة تتصرف معها كجريمة عادية و توقف بعض عناصرها الطرفية و تسجل اغلب الجرائم ضد مجهول ، الى ان غيرت شبكات المافيا سرعة تمددها الى اجهزة الدولة لتحاول اختراقها و السيطرة عليها و تستعملها و تصفي كل من وقف ضدها من الموظفين النزهاء ، فنهض المجتمع الايطالي و مؤسساته باكمله ليقف ضدها في معركة حقيقية انهزمت فيها المافيا و ارتد مستوى الجريمة المنظمة الى حد معقول .
استحضرت هذه المقدمة للتشهير بما وقع اليوم و التعبير عن رفضه و دعوة كل من يؤمن بحق هذا الشعب في التقدم و الرقي الى التعبيرعن رفضه .
لا يمنعني موقفي الشخصي من نبيل القروي و امثاله من رفض ما وقع اليوم و فضحه لانه لا يليق ببلادنا و ينسف كل ما بناه الآباء من مؤسسات و ما تكبدوه من تضحيات :
- دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس و التي لا تزال تعمل في اطار الفصل 38 من القانون الاساسي للقضاة لسنة 1967 و الذي يعطل العمل في المحاكم طيلة عطلة قضائية من 16 جويلية الى 15 سبتمبر من كل سنة و لا تنظر الدائرة الصيفية للاتهام الا في مطالب الافراج عن الموقوفين و البت في وضعية من نفذت فيه بطاقة جلب صدرت من سابق ، تلتئم لترفض مطلب استئناف متهمين بحالة سراح في قراري حاكم التحقيق في تحجير السفر و تجميد اموال و تصدر بطاقتي ايداع في شانهما دون إستئناف النيابة العمومية .
انها فضيحة قانونية و قضائية باتم معنى الكلمة!
- وزارة الداخلية تصدر بيانا بلغة خشبية انها تنفذ امرا قضائيا بالايقاف و ايداعه السجن و انه تم اطلاع المعني بالامر على بطاقة الايداع ، أين؟ في مستوى محطة استخلاص الطريق السيارة بمجاز الباب و الصور تبين العدد الذي شارك في الاعتراض و الايقاف بما يذكر بعهد بغيض ، وزارة الداخلية رجاء احترام المواطنين ! و اعلامنا ضمن الإحصائيات التي تهنينا بنجاحاتها كل يوم ، و الحقيقة في غياب تام للامن عن كل المواطنين الذين يتعرضون للسرقة و البراكاجات و العنف و يواجهونها منفردين ، اعلامنا بعدد بطاقات الايداع و الجلب لدى الفرق و المراكز الامنية غير المنفذة .
- في نفس اليوم يهان الشريك الثاني (سابقا و الذي يجازيه جزاء سنمار يعد ان قدمه لوالده و رشحه لرئاسة الحكومة ...) لرئيس الحكومة و الذي رفض مساندته و خير مساندة الزبيدي ، في مطار قرطاج من قبل اعوان كانوا بالامس يتمنون مبادلته السلام و هو يمر بطريقة اشبه ما يكون بالقاعة الشرفية .
- رئيس الحكومة يطل البارحة في7 دقائق انتخابية على التلفزة العمومية و يتحدث عن " اعداء الداخل " الذي شنوا عليه حملة و شوهوه و يفوض صلاحياته لوزير معتمد لديه مسلوب الارادة ، و هو اليوم رسميا و علنيا غير مسؤول، و لكن في بلاد لم يتم اصلاح المؤسسات فيها بعد ( بما في ذلك القضاء و وزارة الداخلية ) تتم التعليمات و الضغط و الترغيب بالهاتف ، خصوصا و ان يوسف الشاهد كان واضحا في انتهاء مفعول التفويض يوم 13 سبتمبر ، اي ان كل من لاينفذ التعليمات سيعزل ، و كان عزل والي صفاقس رسالة للجميع .
ان اعداء الداخل حقيقة هم اعداء الديمقراطية و تطبيق القانون بحيادية و من يرفضون مبدأ حياد الادارة كرافع اساسي للديمقراطية ، و " كبيرهم " هو يوسف الشاهد الذي لم يفوت منذ تعيينه اوت 2016 فرصة لاستعمال اجهزة الدولة و امتيازات السلطة العمومية ( تعيين ، اعفاء ، رخص ، سحب رخص ، اقامة جبرية ، ايقاف ، مراجعات جبائية ...) من اجل مشروعه الشخصي و مستعد لحرق البلاد من اجل ذلك و بتشجيع واضح من شريكه الاساسي في الحكم حركة النهضة ، و لو بعدم الاعتراض، و البعض يتحدث عن اجتماع مهم منذ يومين في هذا الشان لتحديد مستقبل البلاد و نصيب كل من حضر فيه ...
لا يمكن لعاقل و يؤمن بهذا الوطن ان يبقى في موقع المتفرج او المشاركة السلبية بمثابة التواطئ.
- لابد من فضح هذه الممارسات و الانحراف الخطير بمؤسسات الدولة و استعمالها في حسم نتيجة الانتخابات .
- ان حكم الفصل 49 من القانون الاساسي عدد 16 لسنة 2014 يلزم الهيئة باعادة فتح الترشح للانتخابات الرئاسية في حال وفاة مترشح ، و الايقاف لايمس بسلامة قرار قبول الترشح ، و سلامة المسار الانتخابي اصبحت مرهونة بمدى قدرة الحكومة على محافظة احد اجهزتها التنفيذية (ادارة السجون ) على سلامة مترشح للرئاسة .
- رسالتي للمترشحين للرئاسة للتعبير بوضوح دون التفات للتنافس الانتخابي عن رفضهم لهذه الممارسات و التشهير بها لكونها تعبر عن عدم حياد الادارة و استعمال امكانيات السلطة العمومية لفائدة مترشح واحد هو رئيسها يوسف الشاهد بما يخل بقواعد التنافس النزيه و المساواة امام المرفق العمومي .
- رسالتي للسادة القضاة و لي فيهم عدة اصدقاء ذاتيين و موضوعيين ، و خصوصا اعضاء المجلس الاعلى للقضاء ، لطالما اختلفنا حول " اصلاح القضاء " هل هو شان عام يحتاج الى قرار مجتمعي و قرار سياسي ام هو شان القضاة ، ايها السيدات و السادة ، الى ان تهتم مؤسسات قيادة الدولة باصلاح القضاء كأولوية ، لنعتبره شان القضاة ، و قوموا بواجبكم في حماية استقلالية القضاء و حسن سيره و سمعته ، حماية القضاء ليس بايقاف قاضي مستقيل او معزول ، حماية القضاء يكون بمتابعة القضاة المباشرين فيما يقومون به من اعمال و ما يصدرونه من قرارات بناء على ارتباطات معينة و حماية لمصالح بعينها و في مخالفة للقانون و للاجراءات و مساءلتهم عنها و اتخاذ القرارات الناجعة باعفاء كل من ينحرف بالمسؤولية منها ، مثل هذه الردود الجريئة وحدها كفيلة باصلاح القضاء ، لكونها رسالة واضحة لكل ضعيف نفس و يختفي وراء جبة سلطة دستورية قدمت على غيرها لتكون مستقلة و تعدل بين الاشخاص و الاطراف و تقمع كل انحراف بالسلطة بالقانون ، و رسالة واضحة للسلطة التنفيذية و اجهزتها التي رفض قادتها و منتسبوها كل اصلاح حقيقي بان الاصلاح ياتي من قضاء مستقل و حتى لا يبقى القضاء كما كان يضفي المشروعية على قرارات تتخذها السلطة التنفيذية و هي في جوهرها غير مشروعة و تضرب دولة الحق في جوهرها ، و رسالة واضحة للقضاة الشبان حتى يتعلموا واقعا ان الانتصاب لمجلس القضاء ليس مظاهر هيبة و لكنه ضمير مستقل و امانة و مسؤولية و مساءلة ، و هو ما يجلب حقيقة و دون طلب للقضاء و القضاة الثقة فالاحترام فالهيبة .
و هي رسائل و قرارات توجه لكل قاضي مهما كانت رتبته بما ان الجميع بما في ذلك " الرئيس الأول لمحكمة التعقيب " يعين من المجلس الاعلى للقضاء و يمكن له مساءلته و اعفائه من مهمته ، و قد سبق للهيئة الوقتية للقضاء العدلي ان اعفت رئيس محكمة مركزية لضرورة العمل ودون طلب منها بعد تقييم ادائه .
و يمكن لكم اجراء كل التحريات اللازمة لكشف الحقيقة بسماع الاطراف التي شاركت في القرار و عينت الملف في الدائرة الصيفية ، و ان لزم تسخير النيابة العمومية بتونس للحصول على كشف في المكالمات التي سبقت تعيين القضية لتلك الاطراف لكشف الحقيقة و اتخاذ القرار الموضوعي المناسب لفداحة الانحراف .
بمثل هذا الفهم للمسؤولية يمكن اصلاح القضاء و التقدم به ، و انتم على علم كما ان عديد الاطراف على علم بما وقع من انحرافات في عدة ملفات و طرق السيطرة على محكمة التعقيب و اعادة تشكيل الدوائر و تعيين الملفات و و المقابلات التي سبقت تعيين ملف شغل الرأي العام بالدوائر المجتمعة للتاثير على آراء بعض الرؤساء و المستشارين ، و آخرها ما صدر من قرارات بالنقض دون احالة خلال الاسبوع الفارط و هذا الاسبوع بطريقة تدعو للتعجب و التاثير فيما يقع في محكمة الاستئناف .
ان العدو الداخلي الذي يهدد مستقبل البلاد ليس من يشوه يوسف الشاهد و يقوم بحملة عليه ، اقول بكل مسؤولية و وضوح ان العدو الحقيقي لمستقبل البلاد هو يوسف الشاهد و شركاؤه في مشروعه الشخصي الانتهازي و المافيوي في الادارة و الاعلام و القضاء ، انها صرخة فزع !