كان ينتظر أن يتدعم هذا الاتجاه بعد ثورة 2011 خاصة مع النفس الحقوقي الذي جاء به المرسومين 69 و 70 لسنة 2011 المتعلقين بالقضاء العسكري والذي أرسيا مبدأ التقاضي على درجتين .
ما كان منتظرا لم يتحقق حسب ما صرح به العديد من المحامين على غرار الأستاذ حازم القصوري المُتعهد بملف رجل الأعمال شفيق جراية المتهم بالتآمر على أمن الدولة حيث يؤكد على خرق الدستور منذ إعلان الملفات من طرف المحكمة العسكرية ،وجاء دستور 2014 لتعديل ومراجعة قانون الطوارئ 1978 الذي يعطي صلاحيات واسعة وهو مخالف لدستور 1957 و2014 خاصة وأن التنقيح المذكور لسنة 2011 وسّع في اختصاص المحاكم العسكرية خلافا لكل توقعات الحقوقيين وفقا لما أكده ذات المصدر.
فما هي الجرائم التي يحاكم فيها المدنيين أمام القضاء العسكري ؟
في المادة الجزائية العسكرية فإنّ المحاكم العسكرية تختص بالنظر في الجرائم المنصوص عليها بمجلة المرافعات والعقوبات العسكرية قد أقحمت المدنيين ليقفوا أمام المحاكم العسكرية ويخضعوا لطائلة هذا القانون.
حيث اقتضى الفصل الخامس من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية بعد التنقيح أن تختص المحاكم العسكرية في النظر في الجرائم المرتكبة في الثكنات والمؤسسات والأماكن التي يشتغل بها العسكريون والجرائم التي تُرتكب ضد مصالح الجيش مباشرة أو الإعتداء على أمن الدولة.
وإن كان مثول العديد من المدنيين أمام المحاكم العسكرية هو تطبيق لما جاء في القانون، فإن السؤال المطروح يدور حول مدى إحترام هذه القوانين الواردة في دستور 2014 للإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ما سبب معارضة الحقوقيين لمحاكمة المدنيين عسكريّا؟
يرى بعض الحقوقيين أن المُحاكمات العسكرية للمدنيين فيها مسّ من حقوق الانسان التي نصت عليها التشريعات و القوانين الدولية إذ أنّ رفض المُنظمات الحقوقية تمديد حالة الطوارئ يأتي تخوفا حدوث انتهاكات لحقوق الانسان ،كما أن المعايير والاتفاقيات الدولية تنص على أن القضاء العسكري هو قضاء استثنائي،استنادا على الفصل 110 من الدستور التونسي الذي ينص على أنّ "المحاكم العسكرية متخصصة في الجرائم العسكرية".
و بالعودة إلى قضية رجل الأعمال شفيق جراية فإن جريمة الاعتداء على أمن الدولة تشملها أيضا المجلة الجزائية” وليست من اختصاص القضاء العسكري فقط. وتعرف المجلة الجزائية في تونس أفعال الجرائم بمختلف أنواعها وتحدد العقوبات المترتبة عنها،وفق إفادة الأستاذ حازم القصوري.