الجمعة، 22 نوفمبر 2024

بيرينو... زهرة القصرين المنسية مميز

01 ديسمبر 2015 -- 12:32:20 2485
  نشر في مجتمع
"بيرينو" هي منطقة جبلية تابعة لمعتمدية فوسانة من ولاية القصرين كانت تسمى في القديم" بجبل الراحة "حيث كانت مقر الفلاقة التونسيين إبان الحقبة الاستعمارية سميت بعد ذلك "بيرينو" نسبة إلى المستعمر الفرنسي "برينو".
تضم هذه المنطقة 1080 ساكن وتحتوى على ثلاث عيون جبلية صالحة للشراب في قمة الجبل أي بعيدة قرابة 5 كيلومتر عن المنطقة السكنية ( عين التوتة/ عين بوهلال/عين الحجل) تكسوها الأشجار والأعشاب البرية. و رغم ارثها التاريخي و الثقافي الذي تترجمه بقايا الآثار الرومانية وانجازاتها الفلاحية بقي مستقبل بيرينو غامضا. هذه العوائق الاقتصادية تعري الواقع الموجود وقد كان لنا لقاء مع بعض أهالي المنطقة... عيش تحت الصفر وجوه شاحبة يكسوها الألم والحزن بسبب تهميش الدولة لهذه المنطقة وهو ما جاء على لسان السبتي بن حمد العسيلي 55سنة الذي قال " إن هذه المنطقة منسية منذ عهد المستعمر إلى اليوم ونحن محرومون من أبسط مرافق الحياة من ماء وطرقات والمرافق الصحية فكل المنازل تنعدم فيها المرافق الصحية وهو ما يشكل خطرا على صحة الأهالي وانتشار الأمراض إضافة إلى انعدام المستشفيات". وتابع "فنحن نعيش تحت الصفر" وبالفعل هذه المنطقة تنعدم فيها أبسط المرافق الضرورية للحياة ويشكو المواطن فيها من صعوبة التنقل وسط المناطق الجبلية لجلب المياه خاصة في فصل الشتاء وهي منطقة معروفة بتساقط الثلوج وكثرة الوديان إضافة إلى بعد المسافة التي تفصل بين المنطقة السكنية والمدرسة ويجبر العديد من التلاميذ على الانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة بسبب صعوبة التنقل . هذا اضافة الى الخصاصة المادية والظروف القاسية التي تعيشها هذه العائلات وهو ما أفادتنا به السيدة نعيمة ربة بيت وأم لستة أطفال تقول أنه "رغم تفوق ابنتها في الدراسة فقد انقطعت عنها جراء الظروف المادية وقسوة الظروف ومشقة العيش" إضافة إلى معاناة الأهالي وخاصة المرأة الريفية بسبب صعوبة التزود بالمياه من أعلى قمة الجبل الذي يبعد آلاف الكيلومترات. تقضي المراة الريفية يومها منذ شروق الشمس إلى المغيب متنقلة على دابة لحمل مجموعة من البراميل لجلب المياه كما تفتقر هذه المنطقة الجبلية إلى البنية التحتية التي ذهب ضحيتها العديد من الأهالي حيث تصرح امرأة مسنة تناهز السبعين سنة "توفي ولدي بسبب انعدام الطرقات ووسائل النقل ولفظ أنفاسه الأخيرة في الطريق". وقاطعتها السيدة غالية وهي في العقد الثالث من عمرها لتسرد بكل مرارة وفاة أختها التي أشرفت على الولادة وهي في طريقها إلى مستشفى فوسانة بسبب بعد المسافة وانعدام المرافق الصحية في المنطقة" تفتقر بيرينو إلى المستوصف رغم الكثافة السكانية وارتفاع نسبة التمدرس إضافة إلى تجاهل الدولة وتواصل التهميش .. منذ الحقبة الاستعمارية مرورا إلى الحقبة البورقيبية ثم تليها الحقبة النوفمبرية وصولا إلى الترويكية وحتى بعد الانتخابات الأخيرة بقيت دار لقمان على حالها فمنطقة بيرينو شبه ميتة على مر العصور مثل القبور". من يزور بيرينو يكتشف انها تزخر بمعالم تاريخية وسياحية عرضة للاندثار بسبب تهميش الدولة وتناسيها لهذه الربوع الخضراء وهو ما أكده لنا السبتي في سياق حديثه على معاناة المنطقة وان تدهور الأوضاع التنموية والجوع والفقر والحرمان بسبب تجاهل المعتمد واقصاء أهالي المنطقة وتهميشهم. وقال مخاطبنا أن المهندس الفلاحي قام بحفر بئر قريبة من المنطقة السكنية منذ سنة 2000 ولكن الدولة أغلقته بتعلة تلوث المياه. ومنذ اشهر قامت جمعية تنموية للنهوض بالمرأة الريفية تحت شعار "شمر على ذراعك يا مرا" برئاسة السيدة صديقة كسكاس وبعض المتطوعين بمساعدة أهالي" بيرينو" للنهوض بهذه المنطقة وكان لنا لقاء مع رئيسة الجمعية حيث قامت يوم 12 سبتمبر 2015 بحفر البئر التي أغلقت في عهد الرئيس الأسبق وشراء المعدات الضرورية لاستخراج المياه لنشر الحياة في هذه الربوع المنسية وقد أكدت على ضرورة تشجيع المرأة الريفية ومساعدتها ماديا لدفعها الى المساهمة في تنمية المنطقة التي تعرف بالصناعات التقليدية . ودعت صديقة كسكاس الى ضرورة الرقي بالوضع المادي المتدهور لهذه المنطقة وتوعية الأهالي بكيفية تحسين نمط العيش والتغيير للرقي بالواقع الاجتماعي الرديء كما دعت بدورها جميع مكونات المجتمع المدني إلى النهوض ببيرينو وإنقاذها من بطش الفقر والحرمان مضيفة "إن صرخة أهالي بيرينو دفنها الزمان في مقابر منسية". بقلم: ألفة بن سويسي
آخر تعديل في الثلاثاء, 01 ديسمبر 2015 15:11

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة