تونس/الميثاق/رأي
تحية اعتزاز وإكبار للفلسطيني الحر الغيور وضاح عبد الحق أبو مكسيم، الذي انبرى من بين الجميع وتقدم، وسبق الكل وتميز، وأعطى من حرِ ماله عن طيبِ نفسٍ ورضا خاطرٍ، فأنفق مما يحب، وتنازل عما يهوى، وتخلى سعيداً بيتٍ يملكه، وعقارٍ تعب في بنائه، وشقي في امتلاكه، فنال البِرَ من البَرِ عز وجل، وحاز على الفضل كله بما أنفق، ولم تمنعه بزته العسكرية من المساهمة، ولم تقف صفته الرسمية دون العطاء، وقادته رتبته العالية ليكون من العالين فضلاً وإحساناً، فضرب للفلسطينيين أولاً مثلاً في التضامن والوفاء، وفي النصرة والإخاء، وفي الجود والعطاء، وفي الحب والإيثار، رغم أنه والفلسطينيين عموماً على ما هم فيه منذَ أمدٍ، من بؤسٍ وشقاء، وضيقٍ وعناءٍ، وفقرٍ وفاقةٍ، وعوزٍ وحاجةٍ.
لكنه آثر أن يتنازل عن بعض ما يملك لسيدةٍ عظيمةٍ أعطت وأبلت، وضحت وقدمت، وابتليت وصبرت، واستحقت بجدارةٍ أن تكون خنساءَ فلسطينية جديدة، فهي أمٌ لستةِ أسرى، أربعةٌ منهم محكومون في السجون الإسرائيلية مدى الحياة، هم فلذة كبدها وحصيلة عمرها ناصر ونصر ومحمد وشريف وجهاد وإسلام، لا تراهم لدقائق معدودة إلا بشق الأنفس، وبعد طول حرمانٍ وشديدِ معاناةٍ، وتلقى خلال زيارتهم وفي الطريق إليهم من سلطات الاحتلال صنوفاً من الإهاناتٍ والإساءاتٍ، ولكنها من أجلهم وفي سبيلهم تصبر وتحتسب.
كما أنها أمٌ لشهيدٍ عظيمٍ، ومقاومٍ كبيرٍ، أدمى العدو وأوجعه، ونال منه وأتعبه، إنه الشهيد عبد المنعم أبو حميد، الذي عرفه الفلسطينيون باسم "صائد الشاباك"، إذ استدرج أحد ضباط المخابرات إلى مكمنه وقتله، وغنم سلاحه واستولى على ما معه من أجهزةٍ ووثائق، فما نسي العدو لعائلته المُرَّ الذي أذاقهم إياه، ولا العلقم الذي جرعهم منه، فصب الاحتلال غضبه على أهله انتقاماً منه وحقداً عليه.