جاء في المقال:
أبلغ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الرئيس فلاديمير بوتين عن إكمال عملية تحرير مدينة تدمر، التي نفذتها القوات المسلحة السورية بدعم من القوة الجو-فضائية الروسية. بيد أن هذه لم تكن المرة الأولى التي ينتزع فيها حلفاؤنا المدينة من أيدي الإسلامويين. فقد حررت تدمر في المرة الأولى في نهاية شهر مارس 2016، لكن الإرهابيين استعادوا السيطرة عليها في شهر ديسمبر من العام نفسه.
حول مدى رسوخ النجاح الحالي، يجيب على أسئلة الصحيفة الباحث العلمي الأقدم في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق لدى الأكاديمية الروسية للعلوم بوريس دولغوف.
- سيد دولغوف، السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن بعد سماع هذا النبأ السار: هل ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي نحرر فيها المدينة؟ ما هي توقعاتكم في هذا المضمار؟
أعتقد أن هذا التحرير سيكون الأخير لتدمر، وعلى أي حال أنا آمل جدا ذلك. ونحن نرى الآن سلسلة من الإخفاقات العسكرية لتنظيم "داعش" الإرهابي. واليوم، واقعيا هبت في مواجهة "داعش" والمجموعات المنضوية تحت رايته، القوى العسكرية المتواجدة في سوريا والعراق كافة: الجيش الحكومي السوري، القوة الجو-فضائية الروسية، الوحدات الكردية، الجيش السوري الحر، وعدد من جماعات المعارضة المسلحة، هذا إضافة إلى الجيش العراقي. وبطبيعة الحال، تعدُّ هذه مجموعة عسكرية قوية إلى حد كاف، وفي الوقت الراهن، هذه القوة باتت تمتلك زمام المبادرة والسيطرة على الموقف.
وإن "تحرير تدمر - هو نجاح مهم جدا، وليس عسكريا فقط، بل سياسي أيضا. وهو يؤكد أن القيادة السورية تسيطر على الوضع في البلاد. وأظن أن هذا العامل سوف يترك تأثيره أيضا على المفاوضات التي تدور حاليا في جنيف.
- حسنا، ولكن أين تكمن الأهمية العسكرية-الاستراتيجية لتدمر؟
أولا، هذا تقاطع للطرق، التي تصل أجزاء مختلفة من البلاد بعضها ببعض. وهذا يعني أن المدينة مركز نقل مهم من الناحية الاستراتيجية. ثانيا، في منطقة تدمر تقع حقول النفط، التي تستخدم بنشاط من قبل المسلحين؛ ما يعني كذلك أن فقدانهم لهذه المنطقة سوف يقوض القاعدة المالية–الاقتصادية لإرهابيي تنظيم "داعش". وثالثا، إن تحرير تدمر، هو أكبر من كل ذلك. إنه انتصار معنوي-نفسي؛ حيث من المعروف أن تدمر تعدُّ أحد المراكز الثقافية والتاريخية الأكثر أهمية في سوريا. وتحريرها يجب أن يرفع الروح المعنوية، ويعزز من صمود السوريين، وهذا بحد ذاته أمر له أهميته الكبيرة.
- هل يمكن الحديث، بحسب رأيكم، عن انعطاف في الحرب ضد "داعش"؟
يمكن الحديث عن بداية انعطاف. أما الانعطاف الحقيقي، فيمكن انتظاره بعد القضاء على المجموعات العسكرية الأساسية لتنظيم "داعش" - في الموصل ومنطقتي الرقة ودير الزور.
- لنفترض أن الأحداث سوف تستمر تتطور بهذه الطريقة، وبهذه الوتيرة الإيجابية، ما هي المدة الزمنية، التي تمنحها لبقاء "داعش"؟
إذا كنا نتحدث عن التدمير العسكري لتنظيم "داعش" كبنية سياسية-عسكرية، فأنا أعتقد أن هذا لن يستغرق وقتا طويلا، وأنها مسألة بضعة أشهر. ولكن كما أصبح معلوما، فإن زعيم "داعش" أبا بكر البغدادي حث أنصاره المحاصرين في الموصل على الخروج والتراجع نحو المناطق الوعرة في الجبال. وبالتالي، قد تستمر حرب العصابات سنوات عديدة، بعد تدمير هيكليات تنظيم "داعش". وعلاوة على ذلك، يجب الأخذ بالحسبان أن أنصار التنظيم الإرهابي، ينتشرون في مناطق أخرى من العالم، في ليبيا ومصر، في أوروبا وحتى في روسيا... وهذا يعني - أن القضاء على "داعش" في سوريا والعراق، لن يحل لمشكلة الإسلاموية المتطرفة. فهذه قضية مديدة وأكثر تعقيدا.