هذا الاختلاف الذي يصل حد التناقض بين الميدان وبين السقوف السياسية لا يزال ساري المفعول حتى الآن، وأكبر وأوضح إشاراته هو عدم وعي أنّ عملية طوفان الأقصى زلزلت وضربت كامل مسار طويل يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ولم يقتصر على عملية محدودة الحجم والتأثير .
لقد عمل المحور الأميركي الصهيوني الغربي على ضرب الدول المركزية في العالم العربي وافتعال اشغالات قطرية سياسية واقتصادية واجتماعية في كل بلد تمنع الاهتمامات القومية، وتحدّ من القدرة على التدخلات القومية من المغرب العربي إلى مشرقه وخصوصا العراق الذي أُغرق بأزمات متنوعة وسوريا التي ماتزال في حالة حرب منهكة ولبنان الذي أدخل في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تترافق مع محاولات اغراءات الترسيم والتنقيب عن النفط وكل ذلك في محاولة لتكريس فلسطينية القضية الفلسطينية وانهاء مُعطى أنّها قضية عربية وتنشيط عمليات التطبيع بما يُخرج معظم الدول العربية من أي مشروع لمواجهة العدوانية الاسرائيلية على الاقليم وجودا ودورا استعماريين، وكل ذلك لتوفير ظروف تسمح بتصفية القضية تصفية نهائية ..
ورغم كل هذه الوقائع لا تزال الأسقف السياسية تخضع لما يُسمى مبادرات أو بالأحرى مناورات دول التطبيع الناطقة بالاقتراحات والمبادرات الأميركية والتي تهدف بمجملها إلى محاولة إطالة الحرب وزيادة الضغوط الناتجة عن آثار العدوان الصهيوني في محاولة لتنفيذ الهدف الاسرائيلي المستحيل بالقضاء على حماس وتحقيق نصر للكيان الصهيوني يعيد التوازن الى مسار القضاء على القضية الفلسطينية بكل معانيها لجهة تأكيد الهيمنة الاميركية الصهيونية الغربية على المنطقة ..
لا شك بأن الميدان وحجم تطوراته في الساحة الفلسطينية و في الساحات المساندة وصل إلى مرحلة مفصلية لم تعد تنفع معها مناورات المشاريع الوهمية حتى تلك التي تُعتبر الحد الأقصى سياسيا أي مشروع الدولتين لمسخ، ويمكن القول أنّ رؤيوية الميدان أوصلتنا إلى أننّا أمام انتقال منتظر في وقت من الاوقات القريبة من الحرب المفتوحة إلى الحرب الكبرى.
ولعل هذا ما حملته كلمة سيد المقاومة في ذكرى اسبوع استشهاد القائد الحاج وسام حسن طويل(جواد) في خربة سلم.
إلاّ أنّه من الضروري القول بصراحة أنّ عدم مبادرة أي طرف إلى طرح السقف السياسي الحقيقي الراهن للميدان هو رهبة مجريات ونتائج الحرب الكبرى التي يشعر بها الجميع لما قد تكون لهذه الحرب من تداعيات ونتائج تطال الاقليم والعالم وتوازناته ومستقبله.
علي يوسف