طباعة هذه الصفحة

تغافلوا عن إبادة ملايين العرب في العراق وليبيا.... أزمة أوكرانيا تسقط أقنعة الغرب مميز

02 مارس 2022 -- 19:00:54 561
  نشر في راي و تحليل

تونس/الميثاق/رأي

أين الغرب من إبادة الملايين في العراق وليبيا وسوريا... ؟

أوروبا تتغاضى عن الجرائم الصهيونية ضد فلسطين 

 كشفت الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا حقيقة السياسة الغربية في التعامل مع مجريات الاحداث واتباعها لسياسة الكيل بمكيالين ،وثبت من خلال طريقة ادارة الأوربيين للازمة وتعاطيهم الإعلامي أن مفاهيم حقوق الإنسان تتغير بتغير مصالح هذه القوى.

يرى مراقبون ان الحرب الاوكرانية قد عرت بقوة زيف القيم التي يتبناها الغرب يصدرونها الى المجتمعات والدول ويخوضون حروبا بتعلة نشر تلك المفاهيم التي تبين أنها مجرد شعارات تختبئ خلفها اطماع استعمارية لا غبار عليها.

فمنذ انطلاق الحملة الروسية على  أوكرانيا يوم 24 فيفري الماضي شنت الدول الاوربية حربا اقتصادية ورياضية واعلامية وحتى اجتماعية بهدف خنق الشعب الروسي وارغام موسكو على وقف الحرب  .

ومن بين ما يشد الانتباه هو إقدام بعض الجامعات الاوربية على فصل الطلاب الروس بحجة ان بلادهم تشن حربا ضد دولة تهدد امنها القومي ، وهو ما يطرح عدة تساؤلات جوهرية حول القيم التضامنية التي يرفعها الأوروبيون وقادة العالم "المتحضر"  ، الذين أقدموا على فصل الطلاب والتلاميذ ورميهم في الشوارع في هذه الظروف الاستثنائية .

كما قام الاتحاد الأوروبي بشن حرب رياضية ضد روسيا وحظر مشاركتها في المسابقات الاوروبية والدولية وهو قرار يراه مراقبون إمعانا في العبثية و تكريسا لاستعمال الرياضة في مصالح النفوذ والحرب معتبرين ان الرياضة كانت وسيلة للتقريب بين الشعوب لا وسيلة للعزل وتصفية الحسابات . وما يثبت نفاق الغرب في هذا الإطار هو تجاهلهم للممارسات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وعدم اتخاذ أي قرار ضد اندية الاحتلال وهو ما يعتبر مثالا حيا على زيف القيم التي يرفعها الأوروبيون

فضيحة  إعلامية كبرى

اما على المستوى الاعلامي فقد أجمع المراقبون ان التغطية الاعلامية للأحداث كانت بمثابة "الفضيحة الغربية الكبرى" حيث أمعن السياسيون والاعلاميون الغربيون في اتباع ممارسات عنصرية خلال التحاليل والتغطيات ووصل بهم الأمر الى رفض المقارنة بين "الشعوب العربية المتخلفة" التي تعرضت للحرب وبين الشعب الأوكراني "المتحضر ذو الشعر الأصفر والعيون الزرقاء "وهي أوصاف تم اعتمادها في الاعلام الغربي . 

ومن بين الامثلة على العنصرية الغربية في التغطية الاعلامية هو حديث  قول ديفيد ساكفاريليدزي  نائب المدعي العام الأوكراني السابق لشبكة "بي بي سي" البريطانية قائلاً: "من الصعب عليّ أن أشاهد أناساً ذوي بشرة بيضاء وهم يفرون من حرب في بلادهم. إنه لأمر مؤسف ومؤثر للغاية بالنسبة لي أن أرى أوروبيين ذوي عيون زرقاء وشعر أشقر يُقتلون"

كما أن الصحافي والسياسي البريطاني السابق دانيال هانان كتب في صحيفة تليغراف قبل يومين معلقاً على ما يتعرض له الأوكرانيون: "إن ملامحهم تبدو مثل ملامحنا جداً، وهذا ما يجعل الأمر صادماً للغاية. الأوكرانيون مثلنا، فهم شعب أوروبي ويشاهدون قنوات نيتفليكس ولديهم حسابات على "إنستغرام" ويصوتون في انتخابات حرة ويقرأون صحفاً غير خاضعة للرقابة. لم تعد الحرب شيئاً يتعرض له الفقراء والبعيدون، بل بات من الممكن أن تحدث لأي شعب""

ومن العاصمة الأوكرانية كييف، قال تشارلي داغاتا - كبير مراسلي شبكة "سي بي إس" مخاطبا مشاهديه خلال تقرير متلفز: "إن هذه المدينة (كييف) ليست مكاناً مثل العراق وأفغانستان... حيث شهدا تناحراً مستعراً على مدار عقود. بل هذه مدينة متحضرة نسبياً وأوروبية نسبياً. ولا بد لي من اختيار هذه الكلمات بعناية أيضاً، فهي مدينة لم يكن يمكنك أن تتوقع أن يحدث فيها ذلك " .

العراق وسوريا لا تعنيهم

وبالنبرة ذاتها، قال أحد المحللين السياسيين الغربيين على شاشة قناة "بي اف ام تي في" الفرنسية: "نحن لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف النظام السوري المدعوم من بوتين، نحن نتحدث عن مواطنين أوروبيين مثلنا يغادرون مدنهم في سيارات تشبه سياراتنا فراراً بحياتهم".وقال معلق سياسي آخر على القناة ذاتها: "نحن في القرن الحادي والعشرين، ولدينا مدينة أوروبية (كييف) يتم إطلاق صواريخ كروز عليها كما لو كنا في العراق أو أفغانستان، هل يمكنكم أن تتخيلوا ذلك؟.".

هل استيقظ الضمير الغربي  ؟

تعدد الامثلة على اتباع الغرب لسياسات الكيل بالمكيالين والتي برزت للعيان خلال الحرب الروسية الاوكرانية . فأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وقفوا بحزم ضد روسيا واتهموها بقتل الشعب الأوكراني ، لكنهم تغافلوا عن مقتل الملايين في الغزو الأمريكي للعراق التي تم تدميرها وقتل ابنائها وإعدام رئيسها في عيد الاضحى . كذلك سكت الغرب وكأنهم لم يروا شيئا عندما قام الحلف الأطلسي واذرعه بإعلان الحرب ضد الشعب الليبي واسقاط نظامه واغتيال رئيسه وتدمير البلاد وهي إلى اليوم تعاني من تبعات المغامرة الغربية الفاشلة . وأيضا يتساءل البعض عن سبب صمت الاتحاد الاوروبي وامريكا على الممارسات الاجرامية التي تقوم بها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني التي تقوم القيام بعمليات ابادة وتطهير عرقي .

لجم الأفواه

هناك نقطة اخرى مهمة كشفت ان الشعارات الاوروبية لحماية حرية التعبير والإعلام مجرد قيم يتم رفعها في المناسبات ، فما ان اشتدت الحرب الاعلامية بين المؤسسات الاعلامية الروسية من جهة والمؤسسات الامريكية والغربية وحلفائهم من جهة اخرى ، حتى سارع الاتحاد الأوروبي الى حظر بث القنوات الروسية على غرار " ارتي " و" سبوتنيك "  ، وهي خطوة اعتبرها مراقبون منافية لحرية التعبير وتدل على الان الغرب لم يعد يكترث للمفاهيم الكونية القائمة على حرية ابداء الراي. وقد كشفت روسيا في هذا الاطار ان الاتحاد الاوربي كان يحاول منذ فترة تكميم الأفواه وغلق المؤسسات الإعلامية الناشطة في اوروبا ووجد اليوم الذريعة للإقدام على هذه الخطوة المنافية لحرية الإعلام والتعبير .

هذه الامثلة وغيرها  تؤكد ان  الاتحاد الاوربي الذي يعتبر نفسه راعيا للديمقراطية وحاميا لحقوق الإنسان ، يتعامل بازدواجية  في القضايا والمآسي التي تمر بها عدة بلدان في العالم ، فعندما يتعلق الأمر بمصالحه  يوظف تلك الشعارات ضد خصمه ، اما عندما يرتكب حلفائهم جرائم ضد الانسانية يلجأ الغرب الى سياسة " صم الاذان

 

ناجح بن جدو/صدر في الشروق

 

آخر تعديل في الأربعاء, 02 مارس 2022 19:00

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)