ففيما تتمثل ضمانات المحاكمة العادلة ؟
ولهذا فانه لا يمكن الحديث عن محاكمة عادلة يشهد لها بالعدل والإنصاف، إلا إذا توفرت فيها جملة من المقومات، اذ يعتبر استقلال السلطة القضائية من الركائز الأساسية لترسيخ مفهومها، لان طبيعة العمل القضائي يقتضي أن تمارسه سلطة مستقلة وهذا ما تم تأكيده في الفصل 107 من الدستور التونسي الذي نص على ضرورة أن تكون السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و التنفيذية. ويتمتع المتهم أو المظنون فيه بالحق في عدم التعرض للقبض أو الإعتقال التعسفي بأي شكل من الأشكال، بالإضافة إلى حقه في إنابة محام في جميع مراحل التقاضي، حسب مانص عليه الفصل 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفصل 6 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ويتمتع المتهم أو المظنون فيه بالحق في إبلاغ أسرته بالقبض عليه وبحقه في التحقيق في مزاعم التعذيب و غيرها من الشروط التي يبقى أهمها احترام قرينة البراءة من قبل القضاة و أعوان الضابطة العدلية من شرطة و حرس و غيرهم، والتي كرّستها المواثيق الدولية ونصّت على أن كل شخص متهم يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا، وفق إفادة المحامي ماجد برهومي.
وتشترط أيضا استقلالية القاضي وحياده، إذ لا تعتبر المحاكمة منصفة إذا كان القضاة الذين يحاكمون ويصدرون الأحكام ويقررون العقوبات يفتقرون إلى الإستقلال و النزاهة والحياد، حيث يشترط ان يتمتع القاضي وحده بسلطة الفصل في القضايا المحالة إليه. و يتوجب أن لا تتعرض الجهة القضائية المختصة لأي تدخل من أي نوع كان، و من أية جهة كانت، خاصة في القضايا ذات الصبغة السياسية، وفق تأكيدات القاضي عمر الوسلاتي، الذي شدد على أن القوانين يجب إن تحترم حقوق الإنسان وان لا تنتهك أي حق من حقوقه.
ووفقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يعتبر الحق في المحاكمة العادلة معيارا من معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يهدف إلى حماية الأفراد من المساس بحقوقهم أو الانتقاص والحرمان منها، إذ تنص المادة 14 من العهد المذكور على أن " من حق كل فرد أن تكون قضيته محل نظر منصف و علني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية ومنشأة بحكم القانون".
ويلزم المحاكمة العادلة أن يكون المحامي نزيها وذو كفاءة ومصداقية، حيث تمثيل المحامي للموكل سواء كان في نزاع مدني، أو جنائي، تحكمه أحكام دقيقة قانونية وأخلاقية، باعتبار أن المحامي هو أحد ضباط المحكمة، وواجبه الأساسي هو مساعدتها على تحقيق العدالة.
ما دور المنظمات والجمعيات الحقوقية في مراقبة المحاكمات؟
ولمراقبة سير إرساء المحاكمة العادلة، تلعب المنظمات والجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية
دورا رقابيا لسير مجرى المحاكمات، على غرار زياراتهم للسجون ومراكز الإيقاف لمراقبة ظروف إقامة السجناء والموقوفين، حيث أمضت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤخرا، مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية، يسمح من خلالها لأعضاء الرابطة بزيارة كافة مراكز الإحتجار، التي تشرف عليها الوزارة بمجرد الإعلام ودون سابق ترخيص، حسب إفادة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، جمال مسلم.
(هذا المقال أنجز في إطار دورة تدريبية نظمتها Internews وبإشراف الاستاذ الصادق الحمامي)