تونس/الميثاق/حوارات
ما إن تجاوزت البلاد أزمة تصنيفها كبلد للملاذ الضريبي حتى تم وضعها في خانة البلدان الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الأموال و تمويل الارهاب من طرف الاتحاد الاوروبي،ما دفع برئيس الجمهوية فور اعلان هذا التصنيف إلى التقدم بمُقترح لإقالة محافظ البنك المركزي.
حدث آخر بارز عرفته البلاد في بحر الأسبوع المنقضي و هو الكشف عن ملف فساد و تبييض أموال و جوسسة بقيادة أجانب،هذه المواضيع و غيرها علق عليها في حوار للميثاق القيادي بنداء تونس سفيان بالناصر:
تصنيف تونس
*ما تعليقك على تصنيف تونس في خانة البلدان الأكثر عرضة لتمويل الارهاب و تبييض الأموال؟
سفيان بالناصر:"يجب أن ننتبه في هذا الملف لأنه هناك غموض أنا اتصلت حتى بمختصين في أمريكا وأكدوا أنه هناك غموض تقني وقالوا أنّ تونس ليست متهمة بالتبييض وإنما قد تكون قاعدة لتبييض الأموال وبالتالي هنا يجب أن نفرق.
ما يزعج أيضا هو شبهة وجود أموال تمول الإرهاب وهي الأخطر من التهمة الأولى، وهذا خطأنا نحن لأننا لم نقم بالمصارحة اللازمة وبالشفافية اللازمة في تكوين 20 ألف جمعية منذ 2011.
كان من المفترض أن نقوم بالتركيز على تلك العملية وكيف انتقلنا من بعض الجمعيات إلى 20 ألف وكذلك متابعتها وترشيد التصرف فيها.
الآن المشكل الأكبر والذي استغربه هو أنه في عهد بن علي ودكتاتوريته البنوك الأوروبية كانت تقبل الأموال المهربة من بن علي وعائلته وتونس لا تصنف على أنها قاعدة للتبييض، ثالثا أين الأموال التي تم تهريبها الى البنوك الأوروبية والتي تريد تونس استعادتها لماذا لم تعدها.
البنوك الأوروبية تمارس الإزدواجية في التعامل مع تونس ثم لماذا استهداف تونس وهي أول ديمقراطية عربية وتسير نحو تكريس الشفافية وترسيخ الحوكمة الرشيدة لكن تصنف بهذا الشكل وهذا يطرح أسئلة خاصة عندما نقارن تونس مع المغرب ومصر وغيرها.
ثم أن التقرير الذي كُتب ارتكز على تحليل أُجري في السنوات التي حكمت فيها الترويكا ولم تشمل 2014 وما بعدها تلك الفترة التي شهدت مطالبة بمحاسبة الجمعيات المشكوك في تمويلها وبالنسبة إلى هذا التصنيف يطرح أسئلة أكثر من كونه إجابة.
دور الدولة اليوم هو أن لا تتسرع في اتجاه مزيد تعقيد الوضع ويجب أن تتحرك برصانة وبحكمة كبيرة بدلا من مهاجمة الاتحاد الأوروبي.
أيضا هم رأوا كيف أنّ رئيس الحكومة نفسه قام بحملة عالمية لمهاجمة تبييض الأموال في تونس ووزراءه أيضا صنفوا تونس كدولة مبنية على الفساد والتهرب الضريبي وتبييض الأموال وعدم سيطرة الدولة على الجمعيات التي تمول الإرهاب او تدعم الفساد.
*تبعا لهذا التصنيف،تم إقالة البنك المركزي،هل تعتبر ذلك حلاّ ؟
سفيان بالناصر:إقالة محافظ البنك المركزي هي حل سطحي وليس عميق فالمشكل يشمل المنظومة ككل وهناك مسؤولية تشمل الكثير من الأطراف منها وزارة الخارجية ووزارة المالية ووزارة الاستثمار والتعاون الدولي ورؤساء البنوك ومجالس إدارة المؤسسات المالية التونسية المشكل في المنظومة ككل وبالتالي المطالبة بتغيير المحافظ هو تحرك سطحي ولابد أن تكون الإصلاحات أعمق.
مثلا من الأسئلة التي يجب أن تطرح هي حول السياسة النقدية في تونس وغياب كامل لسياسة واضحة وكيفية التحكم في الدينار وكذلك غياب سياسة نقدية في قانون الصرف وبذلك نفهم كيف قام البنك المركزي بطباعة 11 مليار دينار تونس ولم يستطع السيطرة عليها.
السؤال الذي اطرحه أيضا هو دور القضاء هنا فمثلا بعد تصنيف تونس كان على وكيل الجمهورية ان يطلب من الاتحاد الأوروبي تقديم الإثباتات كما ان ذلك التصنيف يضع في الميزان مصداقية البنك المركزي ومديريه ومصداقية البنوك التونسية في الخارج.
*نسبة التضخم قاربت الـ7 بالمائة،هل من إجراءات ضرورية على الدولة اتخاذها للتقليص من هذا الرقم؟
سفيان بالناصر:نسبة التضخم أنا اشك فيها لأنه رقم مقنّع والرقم الحقيقي تم إخفاءه بصندوق الدعم وعلى الحكومة أن تصارحنا بالنسبة الحقيقية لأن التضخم يؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن التي لم تشهد ذلك المستوى في تاريخ تونس.
الدولة بصدد طباعة أموال لا تعود بسبب الاقتصاد الموازي والمواطن لم يعد يضع أمواله في البنوك خوفا من التساؤل حول مصدرها وبالتالي نعود إلى قضية العفو الجبائي وإعادة الأموال من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد المنظم.
لا أرى أنّ الدولة بصدد اتخاذ إجراءات عملية لمواجهة تلك الكارثة وإجراءات البنك المركزي غير ناجحة فالفائدة التي يتحصل عليها البنك المركزي عند إقراض البنوك تضرب قدرة المواطن على الاستهلاك وهو ما يؤثر على الناتج الداخلي وهناك الكثير من الإجراءات المماثلة.
المشكل الآخر الذي يجب أن نتحدث عنه هو أن البنوك التونسية حققت مكاسب طائلة لم تتحقق بسبب تحسن الاقتصاد وإنما من إقراض الدولة التونسية وهذا اكبر مشكل نعانيه الآن ولا أرى حلا في الأفق لهاته المعضلة وهي جريمة في حق المواطن التونسي.
*تعليقك على فضيحة الجوسسة؟
هذا تحدثنا فيه من سنة 2014 ،فمسألة التجسس مثلا أنا استغرب من الحد الذي وصلته لكن القضاء لم يتدخل ليحسمها وأنا اقول أنّ هناك مدرسة فرنسية في السياسة التونسية ولا أنظر لفرنسا كعدو وإنما أصبحت متأكدا أن فرنسا لا تريد تونس دولة ديمقراطية فهي في سنة 2011 كانت أعدت سلاحا لترسله لبن علي ليضرب به الشعب التونسي.
منذ تلك السنة تمارس فرنسا سياسة عدائية لتونس لأنها رأت أن تونس عندما أصبحت ديمقراطية أصبحت مفتوحة على العالم وعلى استثمارات دول أخرى ولها تفاعل ايجابي مع دول أخرى منها أمريكا والصين وروسيا وبريطانيا ولم تعد مجال فرنسي فقط.
حتى زيارة ماكرون الأخيرة كانت سلبية وأعادت فرنسا إلى تفكيرها الاستعماري والحديث عن لغتها في حين أن العالم يتجه إلى مجالات أخرى.
*تواصل أزمة الفسفاط في قفصة،هل من حلول ؟
هذا المشكل يعيدنا إلى الصعوبات وسياسة تأجيل الأزمات وبالتالي لابد من إيجاد حلول نهائية لكي لا يتوقف الإنتاج وأسوأ شيء يحصل لتونس اليوم هو وقف إنتاج الفسفاط، لكن لا أرى الحكومة تقوم بدورها القيادي هنا وهناك فشل قيادي في تونس وقضية قفصة أكبر دليل والدور الذي يلعبه اتحاد الشغل لم افهمه بعد فليس هناك وضوح مطلقا.