أعداد كبيرة أيضاً !!
وفي الوقت الذي يقوم فيه تحالف تقوده الولايات المتحدة بتضييق الخناق على التنظيم في سوريا والعراق، يعتقد أن قوة داعش نمت في ليبيا من 3000 إلى 6000 خلال 3 أشهر فقط حسب تقديرات البنتاغون والأمم المتحدة.
قامت الجماعات الإرهابية بهجمات شنيعة في مدن طرابلس وبنغازي وزليتن ومصراتة أدت إلى مقتل العديدين، واصطدمت بمليشيات وقوات تابعة للحكومة أثناء هجومها على حقول ومنشآت النفط .. وتعود الزيادة السريعة في حجم التنظيم إلى الفوضى التي عمت البلاد بعد سقوط نظام القذافي، كما تعزز داعش بالتحاق المئات من المقاتلين الجدد من بوكوحرام .. فداعش يقدّر عاليا قيمة المقاتلين من جنوب الصحراء الأفريقية، حتى أنه يوظف مهربي بشر معينين لنقل المتشددين مباشرة إلى عاصمته التي اختارها في سرت .. ويقول أحد النشطاء في مدينة سبها، وهي نقطة مهمة في مسار تهريب البشر، بأنه يقدر عدد مقاتلي بوكو حرام في سرت بحوالي 1000 شخص.
واسطة تهريب البشر
وقال الناشط الذي كان يراقب تهريب البشر في ليبيا منذ 2011 إن مصدر معلوماته هم المهربون أنفسهم، إلى جانب معلومات تصله مباشرة من سرت، وإن التنظيم لا يستخدم مسالك التهريب المعتادة، ويعتمد على مهربين مختارين بعناية، ثم يستطردُ بأن هناك عدد من المهربين لا يعملون ضمن شبكات التهريب المعروفة، وهذا يجعلهم غير معروفين، بالإضافة إلى أن هؤلاء المقاتلين لا يستخدمون أماكن التوقف المعروفة التي يستخدمها بقية المهاجرين والتي في العادة تكون من النيجر إلى القطرون، ثم إلى سبها، حيث عادة ما يبقون عدة أيام في موقع خاص بالمهرب .. لكن مقاتلي بوكو حرام عادة ما يتم تسريع وصولهم إلى سرت ..
تعرف الدول الغربية - التي تفكر في التدخل العسكري للرد على تهديد داعش - الطبيعة المتفجرة التي يمثلها هذا التهديد بسبب عامل جنوب الصحراء الأفريقية .. وعن هذا تحدث جون برينان، مدير سي آي أي، فقال إن ليبيا أصبحت عامل جذب للقارة الأفريقية وللعالم الخارجي .
حشود غربية وقبائل يائسة
تقوم القوات الفرنسية المتمركزة في شمال النيجر بعمليات واسعة لوقف توسع التهديد الجهادي من دولة مالي، وبالتالي تسعى لوقف تدفق المقاتلين إلى ليبيا. وقد ازدادت أزمة التوسع الجهادي في مالي بفعل انتشار الأسلحة في ليبيا خلال ثورة 2011، بينما خصص البنتاغون 200 مليون دولار لتدريب قوات من شمال أفريقيا وشرقها لمواجهة التهديد الذي يمثله التطرف .. كما اقترحت بريطانيا وإيطاليا إرسال ما يربو على 6000 عسكري إلى ليبيا كرأس حربة في القتال ضد داعش تحت إشراف حكومة وحدة وطنية .. لكن الباحث في مؤسسة رفيق الحريري، حافظ الغويل، يقول إن هذه الخطوة لو تمت ستذكي نيران التطرف في أرجاء القارة، ويشرح الغويل التحالفات القبلية المعقدة التي مكنت القذافي من حكم ليبيا لأكثر من 40 عاما من خلال قبيلته المتمركزة في سرت وسبها، والتي تحاول داعش استغلالها الآن .. ويضيف الغويل أنه كلما يئست هذه القبائل من المشاركة في العملية السياسية، كلما وجدت نفسها قريبة من داعش، وكثيرون من أفرادها لا تدفعهم عقيدة داعش بقدر ما يدفعهم حس الانتقام لما أصابهم بعد الثورة .. كما يؤكد الغويل كذلك بأن مقاتلين من تشاد والنيجر جاؤوا إلى سرت، حيث يجتذب التنظيم الكثير من المقاتلين ويحصل على الأسلحة.
شراء العناصر
سبق وأن ذكرت صحيفة ديلي تلغراف في تقرير لها من مصراتة أن داعش يدفع ما يصل إلى 1000 دولار للمقاتلين من الدول المجاورة، وهو مبلغ كبير نسبيا .. ويقول أحمد عمر بولور، وهو مقاتل سابق في تنظيم بوكو حرام في مقاطعة "ماديغوري" التي تعتبر معقل الجماعة في ولاية بورنو إن العوامل الاقتصادية نفسها التي دفعت المقاتلين إلى الالتحاق ببوكو حرام هي نفسها التي تدفعهم نحو ليبيا.
ويضيف: "طبعا ستقاتل معهم إذا أعطوك المال، فهذا مرضٌ فظيع وقد زادته الأزمة الاقتصادية سوءا، فلا توجد أية فرص للحياة، وهذا يجعل الشباب أكثر عرضة للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة."
يقول بولور إن موقع ولاية بورنو الجغرافي ومحاذاتها لحدود النيجر والكاميرون وتشاد لم يسهّل توسع بوكو حرام فحسب، وإنما جعل من السهولة بمكان وصول المقاتلين إلى ليبيا .. هناك الكثير من خطوط العمل والتواصل بين ليبيا ونيجيريا، وسيتبعون الطرق والمسالك التي تنقل عبرها البضائع من ليبيا ونيجيريا وبالعكس .. وهذا سيدفع المهاجرين الراغبين في الذهاب إلى ليبيا إلى إقناع سائقي الشاحنات بالتخلي عن نقل البضائع لصالح تهريب البشر.
ويختم بولور بالقول إن التدخل الغربي في ليبيا سيجتذب المقاتلين من أفريقيا، والذين سيحفزهم وقوع خسائر مدنية محتومة، وبالتالي سيحتدم الصراع وتزداد دوامة الحرمان والتطرف.