وفي ما يتعلق بالوفد اللّبناني أشارت الناقدة لارا ملاّك في مداخلتها "مفهوم الكثافة في شعر الومضة" إلى حركة الزمن في شعر الومضة محددة خصائصه من كثافة ووحدة لغوية وانزياح ورمز...وقدّمت أمثلة من شعر أمين الديب. ثم قدّم د.باسل الزّين مداخلة حول "مفهوم الإيقاع في قصيدة الومضة"، مشيرا إلى اختلاف النقّاد في ذلك محدّدا ملامح الشعريّة . ولم يفت د.أمين الدّيب في محاضرته "الأدب الوجيز بين المنطلقات الفكريّة والنّتائج" إلى الإشارة إلى أنّ التّطوّر هو حالة إنسانيّة ملحّة مذكّرا بأن الوجود الإنسانيّ يأبى الوقوف لأنّه صنو الموت...
وبعد مناقشة المداخلات مع جمهور المثقفين انتهينا إلى أهمية حركة الأدب الوجيز ، كحركة تجاوزيّة تساوي الحياة في استمرارها للمتلقيّ فيه الدّور الهامّ.
وفي اليوم الثاّني، نالني شرف إدارة ندوة " القصة القصيرة جدّا المفهوم والمنطلقات"، افتتحناها بمداخلة أشرنا فيها إلى مأزق القصة القصيرة وصولا إلى القصة القصيرة جدّا منذ نشأتها والخلاف حول بنيتها وحجمها حتى عدّها البعض ظلّ الرّواية وآخر هي جنس صغير...فما بالك بالقصّة القصيرة جدا وقصّة الومضة؟ وهي أسئلة حاولت الإجابة عنها د. بدريّة فرحات متحدّثة عن معنى الأدب الوجيز لغويا عند ابن منظور والجرجانيّ معتبرة أنّ من خصائصها التكثيف والإيجاز والإدهاش والتّناص والترميز مميزة بين شعر الومضة وقصّة الومضة إجابة على سؤالنا . مبينة أن القصصي والشّعري هو الفارق بينهما...وقد بيّن د.أمين الدّيب في مداخلته إلى إغفال المدارس النقديّة للجانب الرّوحي والفكري وحركيّة النصّ في نقودهم مشيرا إلى جدليّة الشكل والمضمون في ق.ق.جدّا، مذكّرا بأن الغاية القصوى للأدب هي الجمال والحريّة بعبارة ديكارت ...
لتُختتم المداخلات بمحاضرة مهمّة لد.عبد المجيد زراقط متحدّثا عن غياب النقد للأدب الوجيز...وقد فضّل استعمال مصطلح(قُصيصة) ،بدلا عن مصطلح ق.ق.جدا المترجم عن المصطلح الأنجليزي((Short short story. .
وفي ختام اليوم الثاني أشرنا إلى أن القصّة القصيرة جدّا لا تحتمل التبذير اللّغوي والإسهاب في بنيتها.
وفي اليوم الثالث حرّر الناقدان الجلجلي والزّين البيان الختامي للملتقى، وأهم ما جاء فيه أن ملتقى الأدب الوجيز التّونسي اللّبناني هو لبنة أولى في صرح عظيم هو الأدب التجاوزي ، وسقط زند أوّل في رحلة الشّعر والقصّة نحو التجاوز.معبرا عن التلاقح الحضاري بين المشرق والمغرب...وقد وقع النظر في بنية شعر الومضة والقصة القصيرة جدا وقصة الومضة تمييزا لبناها عن غيرها نقدا وإبداعا بماهي حركة نقديّة تجاوزية تفتح آفاقا جديدة للنّقد ، تصل إلى المكامن القصديّة والشعوريّة في ذات المبدع. كما يدعو الملتقى إلى ضرورة استكمال العمل الجاد من أجل بلورة أوضح لجميع المفاهيم الجديدة على اعتبار أن الأدب الوجيز حركة تجديدية تجاوزيّة نقدية تسائل آلياتها باستمرار وتُبقي مجاليْ النقد والتصويب مفتوحين ،. وتؤكد اللّجنة على مواصلة العمل والإعداد لملتقى الأدب الوجيز في لبنان.
وقد تضمن الملتقى قراءات شعرية وقصصية لمنير الوسلاتي و لارا ملاّك وباسل الزين ونورا الورتاني و أمين الدّيب وماجدة الظاهري وسليمة السرايري وسماح بني داود و نبيهة العيسي وريم قمري وبدرية فرحات وفتحية الهاشمي ومصطفى بوغازي وضحى بوترعة وزكية الجريدي.
بقلم الناقد والجامعيّ البشير الجلجلي