الجمعة، 26 أفريل 2024

قراءة في الرواية الجزائرية "أولاد بوحبة" بعيون الاستاذة التونسية أمال الخترشي مميز

13 جوان 2018 -- 18:34:49 1375
  نشر في أخبار فنية و ثقافية

تونس/الميثاق/ثقافة

نشرت الأستاذة و الأديبة التونسية أمال الخترشي مؤخرا قراءة في الرواية الجزائرية "أولاد بوحبة"،و فيما ما يلي نص الدراسة

 

الرواية للأديب الجزائري الطيب عبادلية، تراها لوحة فنية ، ادبية ،اجتماعية رسمها الراوي بكل حرفية وجعل منها اثرا يحلق في سماء الابداع ..
أولاد بوحبة حي من مدينة تبسة تقع شرق الجزائر على الحدود التونسية الجزائرية بمحاذاة ولايتي الكاف والقصرين .. جعلها الراوي مسرحا تتناغم فيه الأحداث وتتكامل معتمدا في ذلك على الذاكرة وما تركته فيه هذه المدينة التي انبت عنها من أثر في وجدانه .
تعود الاحداث الى الحقبة التي عاش فيها الكاتب في بوحبة وهي بداية السبعينات .
لسائل ان يسأل عن دلالة التسمية ...انها نسبة لرجل تقي حسب الذاكرة الشعبية كان قد مر بالمنطقة فنثر حبيبات نمى منها زرع وحب كثير ...فكانت التسمية وهذا مايحيلنا على الموروث الشعبي في الاعتقاد في الاولياء الصالحين والتبارك بهم .
ومن الظواهر الاجتماعية المطروحة في رواية عبادلية ظاهرة المساكين والبهاليل وهي في الحقيقة تنم عن فراغ العقول و سذاجة ما كانت لتمحى منها لأسباب عديدة أهمها قلة الوعي لدى المتساكنين
وطفحت رواية ~عبادلية ~ بمظاهر تعري الواقع بكل ما فيه من سلبيات وايجابيات ،ففي تناوله لبعض العادات والتقاليد نكهة خاصة :شهر رمضان..الباعة ..عرض السلع ..السمر ..الخ..
كما تناول الراوي التباين في التصرفات داخل بوحبة ككل فقد ذكر ظاهرة العربدة والتسكع ،والتدين وحماية الاخلاق .ذكر احترام الاهالي لكبار المدينة والعودة لهم بالاستشارة في امور دينهم ودنياهم ...كل هذه الظواهر وجدتها متغلغلة في ذاتي بل قاسمت الراوي نكهة واستمتاع الحديث عنها ،لان الجزائر امتدادا لتونس ،فكنت أقرأ عن رمضان في بوحبة في ذلك الزمن الجميل بعيني باب سويقة..وسيدي محرز ..رمضان الالفة والتراحم ،رمضان العبادة والتقوى ...احس انها نفس الجذور ..نفس الروح ...
وتاخذني الرواية الى اعماق لو حبة فأحس أنني حاضرة فيها بالغياب ~العبارة للراوي ~ وجدت نفسي من خلال الحديث عن المرأة وانا التي انتمي إلى نفس الجيل وعايشت ذلك الزمن..الزمن الجميل ...
كيف مثل عبادلية المرأة في بوحبة ؟؟؟
المرأة حاضرة برمزيتها ودلالاتها وشفافيتها ...وقد جسمها في ثلاثة شخصيات حسب قراءتي ..
الشخصية الأولى هي غزالة المعتوهة وتمثل العقل المشلول كليا هي عبارة عن عنصر مهمش في المجتمع ميزتها بلادة العقل لا دور لها غير انها انثى يواقعها من يترصدها كعمار ..ثم تمضي سعيدة ..
الشخصية الثانية زبيدة التي سكنت قلب الراوي دون ان يبوح لها ..كانت تعشق عينيه لكنها لا تجرأ ...امرأة تفيض حنانا وأنوثة لكن حظها كان سيئا ..فشلت في زيجتين لأنها عاقر..ثم تزوجت مرة ثالثة ولم تنجب فاختارت ان تربي أبناء زوجها إلى ان ماتت ...امرأة بلا سند مستضعفة ..امرأة لا تنجب لا تواصل سلالة الزوج ...هذه نظرة المجتمع لنوعية زبيدة
وماتت زبيدة وغادرت بوحبة لكنها في ذاكرة ~عبادلية~ باقية ...
الشخصية الثالثة هي التي قال عنها الراوي :سعاد ..سعاد
كم صرخت في خلوة مع القلب
ايتها الجميلة اعتقيني
من براءة طفولتك
بريئة كما كان يراها كانت رمزا للمقاومة ومكافحة الجهل ،متعلمة تتبادل مع الراوي كتبا لتتثقف وتحقق ذاتها..كانت نظراتها فاضحة فقد احبته لكنها تعيش ازدواجية بين التحفظ والانفتاح وهذا ما اوقعها في فخ العادات والتقاليد فانقطعت عن الدراسة لتادي دورا اختاره لها اهلها ..تزوجت سعاد ودعيت لمهام اخرى غير التي كانت تطمح اليها
ذاك هو الزمن الجميل الذي عشناه بحلوه ومره لكنه يبقى دافئا بالاحاسيس والانسانية
الانتماء ..
نهج عبادلية في هذه الرواية السرد الواقعي فقد وصف الأحداث كما تعاش حقيقة فكلما تنساق في روتين القراءة يخرج عليك المبدع باستطراد طريف،اما صوت بائع ،او بعض كلمات زبيدة :
عندك لا تغضب مني ...راني نتمسخر عليك (ص33)
اضافة الى تناغم العبارات وتنسيقها كان يقول في ص. 116 :عدت وفي النفس من الاماني التي قهرتها ارادة الاستسلام ،واتبعت هواها استهلكت زمنها من طيش وجنون الصبى عدت ابحث عن الايام الخوالي ..ابحث عن زبيدة..ثم اضاف :
يا الغالية عليا..ما ننساك ..
يا الغالية عليا
نخاف نموت
ويعزوك فيا ..والله ما ننساك
روعة تعبير وروعة تصوير فعودة ميمونة استاذي الى منبت الروح..
ابارك فيك هذا الارتداء الى الماضي واحضار كل الذكريات بالغياب

 

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة