الجمعة، 19 أفريل 2024

الخطاب الكامل للغنوشي: هذا موقفنا من التحوير الوزاري والشاهد والسبسي مميز

27 أكتوبر 2018 -- 17:45:42 435
  نشر في سياسية

تونس/الميثاق/سياسة

 

في خطاب ألقاه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي  صباح اليوم السبت 27 أكتوبر 2018 بمناسبة الندوة السنوية لاطارات الحركة، إن النهضة تبدو منسجمة لكن داخلها فيض من الآراء،كما تطرق رئيس الحركة إلى العديد من المسائل السياسية في البلاد على غرارالتحوير الوزاري المرتقب.

و فيما يلي نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين لسيدات والسادة أعضاء الندوة السنوية لإطارات حزب حركة النهضة

السيدات والسادة الضيوف

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ومرحبا بكم جميعا 

يسعدنا أن نفتتح على بركة الله فعاليات هذه الندوة السنوية الثانية لإطارات حزب حركة النهضة التي ستتناول عددا من الملفات الوطنية والحزبية الهامة والانتهاء فيها بإذن الله إلى مقاربات ومخرجات تساعد على تدقيق سياسات الحزب ومواقفه وتفتح على خطوط وآليات عملية لتنزيلها بما يُثري برامج الحزب ويعزّز أداءه وأدواره ويًقدّم إضافة هامّة لخدمة الشأن العام ويًحسّن بالنتيجة من ظروف عيش التونسيات والتونسيين.

 

واسمحوا لي في البداية أن أرحّب ترحيبا خاصا بمكوّن جديد لتركيبة الندوة السنوية السيدات والسادة ممثلي الكتل البلدية للحزب الذين تمّ انتخابهم مؤخّرا والذين سيعملون مع بقية ممثلينا في المجالس البلدية المنتخبة حديثا على تطبيق برامج الحزب ووعوده التي فازوا على أساسها في الانتخابات الأخيرة.

 

 

السيدات والسادة

يكتسي انعقاد هذه الدورة الثانية لهذه المؤسسة الناشئة أهميّة بالغة باعتبارها فضاء للحوار والتشاور ومنبرا لتدقيق سياسات الحزب وأولوياته تكريسا للديمقراطية الحزبية ولخيار التشاركية في إدارة الحزب بين مختلف الهياكل المحلية والجهوية والمركزية وهي السياسة التي حرصنا على تدعيمها بما حافظ على وحدة النهضة وصلابة مؤسساتها وجعل كل مناضل من مناضليها شريكا في صنع القرار وتنزيله.

 ـ على الصعيد العربي والعالمي تنعقد هذه الندوة في مناخات تشبه من أوجه كثيرة المناخات التي فجرها المشهد التراجيدي مشهد احتراق البوعزيزي وما فجره في المنطقة والعالم من تعاطف معه ونقمة على الظروف التي قذفت به الى ذلك المشهد التراجيدي . شبيه به الزلزال الذي اثاره الاغتيال الوحشي للصحفي جمال خاشقجي . لقد ايقظ الضمير الإنساني من سبات، رافضا منطق المصالح السائد بين الدول، مصرا على الوصول الى الحقيقة كاملة. لقد كشفت الواقعة مدى قوة الإعلام والقيم الانسانية امام ضعف الدول والمصالح ، فقد تحرك الضمير الإنساني معززا بقوة الاعلام الحديث ، بما خلق حالة انفلات وزلزلة وضغط على الحكومات ليخرج الحقيقة الى النور. نسأل الله الرحمة لصديقنا جمال ونرجو الله أن يقبله شهيدا عنده.

كما تنعقد هذه الدورة بين لحظتين هامتين من لحظات مسار الانتقال الديمقراطي لحظة نجحت فيها بلادنا في تنظيم أول انتخابات محلية يوم 06 ماي 2018 الماضي ولحظة أخرى تقترب فيها بلادنا نحو تنظيم ثاني انتخابات تشريعية ورئاسية في موفّى سنة 2019 وفق دستور الثورة ثورة الحرية والكرامة الذي تمّت المصادقة عليه يوم 27 جانفي 2014. 

لقد نجحت بلادنا والحمد لله في تنظيم الانتخابات المحليّة بفضل تضافر جهود كل الفاعلين من أحزاب ومستقلّين وهيئات وإعلام. ولا يفوتنا في هذا السياق أن نًثمّن جهود الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وجهود منظّمات المجتمع المدني وقوّات أمننا الداخلي وجيشنا الوطني التي أصبحت ضمانة من ضمانات نجاح الانتخابات ونزاهتها. الشكر موصول ايضا لفخامة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ولرئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد على دورهما المهم في إنجاح الإنتخابات البلدية الأخيرة. 

 ولا يفوتنا هنا أن نحيّي الأخوات والأخوة مناضلات الحركة ومناضليها شبابها ونسائها وعلى رأسهم مكتب الإنتخابات على ما بذلوه من جهود وأوقات وأموال لإنجاح حملتنا الانتخابية والتي أثمرت والحمد لله فوزا للنهضة ونجاحا لعرس انتخابي آخر تفتخر به تونس.

 

السيدات والسادة

بعد أن نجحت النهضة في نيل ثقة الأغلبيّة في الانتخابات المحليّة وهو شرف عظيم ومسؤوليّة جسيمة نسأل الله أن نًوفّق فيها سيكون ملفّ الحكم المحلي من أهمّ ملفّات هذه الندوة واهتمامات الحزب في المرحلة المقبلة حتّى تكون لنا مساهمة جادة في تركيز العمل البلدي وإنجاح تجربة الحكم المحلي وتثبيتها وفتح الآفاق أمامها باعتبارها سلطة القرب تعتمد التشاركيّة منهجا ويكون المواطن فاعلا أساسيّا فيها مبادرا وشريكا ومراقبا وتساهم مجالسها في تحسين ظروف عيش التونسيين وأحوالهم. 

لقد وضَعَنا نجاحنا في الانتخابات المحليّة الأخيرة أمام اختبار جديد لمدى قدرتنا على تقديم الإضافة النوعيّة في مجال الحكم المحلي وفي تقديم جيل متميّز من القيادات الشعبيّة يتبوّأ فيه الشباب والمرأة نسبة عالية ومواقع متقدمة تجسيدا لقناعتنا بأولوية تمكين المرأة والشباب وفتح المجال واسعا أمامهم لتحمّل المسؤوليات العامة. 

ولقد أكّدت النهضة من خلال اسهاماتها الفكريّة المتعدّدة وخاصة في مجال الفكر السياسي الديمقراطي أنها ليست مجرّد حزب يسعى للسلطة وممارسة الحكم فحسب وإنّما هي تنطلق في ذلك من مشروع فكري تميّز بتعظيم قيمة الحرية في الإسلام وتأكيد مركزيتها وبأنها مفتاحٌ لفهم نصوص الدين وأساسٌ في التعامل مع الآخر كما تميّز بتأصيل التوافق بين قيم الاسلام والديمقراطية في إطار ما عرّفناه في المؤتمر العاشر بالإسلام الديمقراطي. 

وعلى أساس ذلك تعتبر النهضة أن جوهر العمل البلدي هو التنافس في خدمة المواطنين والقرب منهم والإحساس بمعاناتهم والانصات إليهم ومشاورتهم في أمورهم وتشريكهم في القرار والأخذ بيد المحتاج والضعيف وتعزيز التضامن بينهم. 

ويجدر بنا في هذا السياق، أن نثمّن الهبّة الشعبية التضامنية التي شهدتها بعض مناطق البلاد ومنها جهتا نابل والقصرين خلال الفيضانات الأخيرة. كما نشكر نشطاء المجتمع المدني وجمعياته لوقوفهم المادي والمعنوي إلى جانب المتضررين وتقديم العون لهم كما نحيّي مناضلات ومناضلي النهضة وهياكلها الذين فتحوا مقرات النهضة لإيواء المتضررين ورافقوهم وأسندوهم خلال الفيضانات وبعدها. 

وتجدّد حركة النهضة تضامنها مع العائلات التي نكبت في ممتلكاتها والتجار وأصحاب الأعمال الذين بلغ الضرر ببعضهم أن خسروا كل ما يملكون أو أغلبه. 

وأمام عِظَمِ الكارثة وثِقَلِ آثارها على المواطن والدولة فإنّنا ندعو السلطات المركزية والجهوية والمحلية ذات الصلة بمجابهة الكوارث لتقييم ما حصل وخاصة أداء الهياكل ومعالجة الآثار وتعويض المتضررين وتطوير آليات الوقاية والإنذار المبكر والتدخل. 

ومن صميم العمل البلدي وجوهره أيضا تقريب التنمية الى المواطن عبر منظومات ناجعة في مقدمتها النظافة وجمالية المحيط والتصدي لكل مظاهر الفوضى والعشوائية والتهذيب العمراني وإزالة النقاط المرورية المختنقة بالتعاون مع الهياكل المختصة وصولا الى إقامة شبكة من مؤسسات الترفيه والإدماج الاجتماعي على غرار المنتزهات العائلية والفضاءات التي تحمي الشباب من الانحراف والعنف والتطرف. 

ولتحقيق كلّ ذلك وأكثر، لا بدّ من تخطيط جيّد وحوكمة رشيدة تساعد على حسن التصرف في الميزانية وتعبئة الموارد الذاتية عبر تشجيع المواطنين على دفع الأداء البلدي وتنويع مداخيل البلديات والتشجيع على الاقتصاد الاجتماعي التضامني والحرص على تشجيع الديبلوماسية البلدية عبر التوأمة واتفاقيات الشراكة مع المؤسسات والصناديق الدولية.

 

السيدات والسادة

تعيش بلادنا منذ فترة على وقع أزمة سياسية أربكت المشهد العام وعمّقت من مصاعب المرحلة التي تتّسم أساسا بتواصل الصعوبات الهيكلية للمالية العمومية وتأخّر الإصلاحات الكبرى في العديد من القطاعات والمنظومات رغم التطوّر الملحوظ في العديد من المؤشرات الاقتصادية وتقدّم إنجاز العديد من المشاريع وانتعاش السياحة وتحسّن الميزان التجاري. 

ولقد عبّرت الحركة منذ مشاورات قرطاج 2 عن مواقفها من هذه الازمة بكل وضوح مؤكدة ولا تزال على حاجة البلاد إلى الاستقرار الحكومي وأولوية تحسين الأداء الحكومي في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وفي ملف الإصلاحات الكبرى ومقاومة الفساد من خلال الثلاثة وستين (63) إجراء التي تمّ الاتفاق عليها في وثيقة قرطاج 2 بإجماع الأطراف المشاركة على أن تلتزم الحكومة بعد تعديلها بالتفرّغ الكامل لتنزيلها في الآجال المحدّدة إلى غاية الانتخابات المقبلة.واختلفوا حول النقطة64، هل تعطى الفرصة للحكومة القائمة لتنفيذها ولو بعد تعديل وكان ذلك رأي خمسة أعضاء بينما أصر الاربعة الآخرون على التغيير الشامل للحكومة، فكان قرار الرئيس تعليق المحادثات وانطلقت الأزمة السياسية.

وأسّست الحركة موقفها هذا على أولوية المصلحة الوطنية وما تقتضيه في هذه المرحلة من استقرار حكومي وتحسين للأداء واحترام لكل الاستحقاقات الوطنية والإلتزامات الدولية وأهمّها المصادقة على قانون المالية لسنة 2019 واستكمال تركيز الهيئات الدستورية وخاصة منها المحكمة الدستورية وتسديد الشغور الحاصل في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وانتخاب رئيسها وتنظيم الانتخابات المقبلة في آجالها وفي ظروف جيّدة حتّى تنطلق تونس في اتجاه المستقبل وتفتح آفاقا أوسع نحو النمو والتطور وتعطي الامل لشبابها في مستقبل أفضل. 

وأكّد مجلس الشورى تمسّك الحركة بتثبيت التوافق والتشارك خيارا استراتيجيا يشمل كافة القوى الوطنية من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي وإنجاز الإصلاحات ومقاومة الفساد والسير بالبلاد نحو الانتخابات في موعدها المحدّد وفي أحسن الظروف.

كما أكّد المجلس حرص الحركة على المحافظة على علاقة إيجابية مع رئيس الدولة ومواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة ومواصلة الحوار والتعاون مع المنظمات الوطنية ومنها خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.

 ونؤكد هنا ان موقفنا من التوافق نابع من إرادة لتدعيم المسار، لا القطيعة أو التنكر لعلاقتنا برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي نحيّي دوره الأساسي في الانتقال الديمقراطي والتصدي لمخططات الفتنة عبر خيار التوافق والعيش المشترك بين التونسيين.

اننا حريصون على ان تبقى علاقتنا بفخامته متينة في إطار شراكة استراتيجية قائمة على الصدق والنزاهة، حتى وان تباينت وجهات نظرنا في بعض الملفات.

ونحن في حركة النهضة بهذه الشراكة مع رئيس الجمهورية وقد أكّدت لفخامة الرئيس في آخر لقاء معه أنّ فضّ أي شراكة لا يكون الا بتوافق طرفيها، ونحن نرفض فضّ تلك الشراكة .

وان الحركة ستواصل تحمّلها لمسؤولياتها الوطنية وحرصها أن تبقى دائما جزء من الحل تعمل من أجل تقريب وجهات النظر والبحث مع كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين عن توافقات جديدة لحل الأزمة في إطار الدستور وعلى قاعدة المصلحة الوطنية وتأمين أغلبية برلمانية واسعة تسند الحكومة وتساعد على نجاعة العمل التشريعي.

  

السيدات والسادة

تجدّد حركة النهضة موقفها الداعي إلى إجراء تحوير وزاري لتعزيز العمل الحكومي من خلال تشكيل حكومة ائتلاف وطني مفتوحة لكل الأطراف السياسية للمشاركة فيها على قواعد الكفاءة والنزاهة والقدرة على الإنجاز بعيدا عن هيمنة أي طرف تسير بالبلاد نحو الاستقرار وتنظيم الانتخابات ومقاومة الفساد والتقدّم في الإصلاحات.

 

السيدات والسادة

وفيما يتعلّق بمشروع قانون المالية لسنة 2019، تؤكّد حركة النهضة على أن تُعطى فيه الأولوية لدعم الاستثمار وخلق فرص الشغل للشباب وتخفيف الضغط الجبائي على المواطنين وعلى المؤسّسات الاقتصادية ودعم المجهود التنموي بالجهات ومواصلة مسار الإصلاحات في مجال الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية وخاصة الصناديق الاجتماعية وترشيد الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه. 

ولتنمية الموارد الذاتية للدولة تقترح النهضة تنمية الاستخلاص واعتماد آلية الصكوك وفتح باب الاكتتاب ولا سيما لمواطنينا بالخارج الذين نحيي دعمهم المتواصل لوطنهم ، كما ندعو الى دعم أجهزة الرقابة ومقاومة التهرّب الجبائي وإيجاد الحلول للإدماج التدريجي للقطاع الموازي في القطاع المنظّم ومقاومة الاحتكار والتهريب، وتفعيل آليات الحدّ من ارتفاع الأسعار ودعم المقدرة الشرائية للمواطن بالتوافق حول الحلول الكفيلة بإنجاح المفاوضات الاجتماعية للحفاظ على السّلم الاجتماعي بالبلاد وحماية الفئات الضعيفة من المجتمع. 

وتثمّن حركة النهضة نجاح المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل وتوقيع اتفاقية حول الزيادة في أجور القطاع العام، وتأمل أن ينجح الطرفان في مفاوضات الزيادة في أجور الوظيفة العمومية بما يحسّن من المقدرة الشرائية للعمّال ويحفّزهم على مزيد الإنتاج وتحسين المردودية.

 

السيدات والسادة

لقد أنجزت التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي الكثير وحقّقت العديد من النجاحات الهامة رغم الصعوبات والعراقيل نتيجة الحوار منهجا استراتيجيا والتشاركية في إدارة الشأن العام والتوافق الذي تعتبره حركة النهضة سياسة عليا هي الأنسب لتحقيق مكاسب وطنية تكون في مستوى انتظارات الشعب وفي مستوى الاستحقاقات الهامة والكثيرة التي تنتظر بلادنا. 

قطعنا إلى حدّ الآن منتصف الطريق من خلال تركيز المؤسسات الديمقراطية وحان الوقت لاستكمال النصف الآخر بإنجاز الانتقال الاقتصادي وتحقيق التنمية وتركيز بقية المؤسسات الدستورية.

 

السيدات والسادة

 لا تزال تجربتنا في الانتقال الديمقراطي متواصلة وهي في حاجة إلى مزيد من الوقت والاستقرار والحوار حتى تستكمل ما تبقى من مساراتها وتحقّق أهدافها كاملة في الحرية والكرامة والتنمية. وتتأكّد في هذا السياق مسؤولية الأحزاب السياسية في العمل من أجل تعزيز مساهمتها في إدارة الشأن العام والاهتمام أكثر بقضاياه وتقديم الحلول المناسبة لمشاكل التونسيات والتونسيين وتحسين مستوى عيشهم وخاصة الفئات الضعيفة والهشة والجهات المحرومة.

ومع ذلك لا تزال بعض الأطراف تسبح ضدّ التيّار وتعمل على خلاف المطلوب الوطني وتحاول تلويث الفضاء العام واستغلال المستجدات السياسية للرجوع ببلادنا إلى خطاب الكراهية والحقد والاستئصال والتشويه وافتعال القضايا والتلهية عن الأولويات الحقيقية للوطن والمواطن والاستثمار في الدم بدل المساهمة في بناء تونس وتطوّرها. 

وعبثا تحاول هذه الأطراف استصحاب خطاب المخلوع وسياساته في التعامل مع حركة النهضة باعتبارها ملفّا أمنيا وليست حزبا سياسيا وعمقا اجتماعيا وثقافيا وفاعلا وازنا في المشهد السياسي قاوم الاستبداد قبل الثورة ويساهم بعدها في بناء الجمهورية الثانية والدفاع عن الدولة من مواقع متقدّمة / بشرعية انتخابية وشعبية واسعة راسخة ومتجددة وقيادة قاطرة المصالحة مع العائلة الدستورية التي تقبل بشرعية الثورة ودستورها ونظامها السياسي. 

لقد فات هذه الأطراف أن النهضة قرّرت منذ مؤتمرها الخامس المنعقد في المهجر سنة 1995 التخلي عن العمل السرّي الذي أجبرها عليه نظام قمعي وحكم شمولي مثلما أجبر بقية العائلات السياسية الأخرى كما أكّدت النهضة طابعها المدني ومنهجها السلمي وخيارها السياسي المفتوح على العمل المشترك مع المعارضة والذي تجسد بوضوح في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات سنة 2005. 

وبالرغم من حملات الملاحقة الأمنية والتشويه الإعلامي ومحاولات اتهام النهضة وقياداتها بالإرهاب فقد أنصف القضاء الأجنبي النهضة في كل القضايا التي رفعناها اليه ضد كل افترى علينا فرية العنف والارهاب، فحكم ببراءتها من كل التهم كما أنصف القضاء الإداري التونسي بعد الثورة النهضة بإبطال كل الأعمال الصادرة عن محكمة أمن الدولة المتعلقة بمحاكمة عدد من قيادات حركة النهضة في الفترة من 1987 إلى 2010 ونحيّي بهذه المناسبة الأستاذ المحامي فتحي عبيد الذي بادر بحسّه الوطني بتقديم القضية ومتابعتها, كما نحيي جميع المحامين الذين دافعوا عن الحركة خلال فترة محنتها وقطاع المحاماة جميعا والذي كان شوكة في حلق نظام الدكتاتور. وكانوا بحق فرسان الحرية 

ستبقى النهضة منحازة لتونس ومصالحها الكبرى وستواصل خدمة شعبها وتتعاون مع غيرها من أجل بناء مشروع وطني جامع لا يقصي أحدا تلتئم على أرضيته كل المصالحات المطلوبة. وستكون علاقات النهضة مفتوحة أمام كل الصيغ الممكنة للعمل المشترك من تحالفات وائتلافات وعمل جبهوي طالما أنها تصبّ في خدمة المصلحة الوطنية وتساعد على بناء حالة وطنية مستقرة. بعيدا عن عقلية الغالب والمغلوب أو الأغلبية والأقلية / لأنّه لا أحد يخسر إذا نجحت تونس.

 

السيدات والسادة

لقد مرّت بلادنا وخاصة بعد الثورة باختبارات هامة وعديدة نجحت والحمد لله في كسب الكثير منها ونحن على ثقة تامة بأنها قادرة على كسب ما تبقّى منها طالما تمسّكنا جميعا بالتشاركية منهجا وباحترام الدستور ضابطا وموجّها وبالحوار آلية وبالتوافق سياسة عليا لا ينقص منه التنافس ولا ينقضه الاختلاف خاصّة وأنّه جُرّب فنجح طيلة السنوات الأربع الأخيرة في تحقيق الاستقرار وتأمين مسار الانتقال الديمقراطي وتثبيته من خلال تنظيم الانتخابات وتركيز المؤسسات الدستورية. 

ويهمّنا في هذا السياق أن نؤكّد تمسّك حركة النهضة واعتزازها بكلّ التشريعات التي صادق عليها مجلس نواب الشعب بمساهمة كل النواب والكتل البرلمانية وبمساهمة متميزة لكتلتنا التي نعبّر عن شكرنا الكبير لها لانضباط كلّ أعضائها في الحضور والمساهمة في أشغال اللجان والتواصل مع الناخبين في جهاتهم وعن تقديرنا لجهودها المتميّزة في تيسير عمل المجلس وبناء التوافقات اللازمة لسن قوانين تحقق المصالحة بين التونسيين وتوحدهم وتعيد تجميع العائلة التونسية الموسّعة بدون إقصاء ولا أحقاد ولا انتقام. 

وفي هذا السياق، تجدّد النهضة تمسّكها بإتمام مسار العدالة الانتقالية وتسوية كلّ الملفات العالقة حتّى إنصاف الضحايا وردّ الاعتبار لهم كل ذلك في إطار السماحة والعفو بما يعزّز الوحدة الوطنية ويحقّق المصالحة الوطنية الشاملة. وقد بادرت الحركة بإعطاء المثل في العفو رغم كلّ ما أصابها طيلة فترتي الاستبداد وهي تشجّع ضحايا الدكتاتورية على التحلّي بالسماحة والعفو باعتباره أعلى مكارم الأخلاق.

وفي هذا الصدد ادعو البرلمان الى تبني قانون للعفو العام عن الانتهاكات المرتكبة حال الاعتراف وكشف الحقيقة والاعتذار، على ان تتولى الدولة جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم. 

إننا نرفض ان يبقى مصير بعض الشهداء غامضا وجثثهم مخفية، ونرفض ان يرى الضحية جلاده متباهيًا بماضي الاستبداد ممجدا له ، ولكننا نرفض ايضا بقاء هذا الملف جرحا مفتوحا نازفا بشكل يقودنا الى توريث الثارات والاحقاد. ان الاوان ان نشق أخدوداً واسعا نردم فيه كل الأحقاد وننطلق الى المستقبل متخففين أسوة بسيرة رسولنا  واستفادة من التجارب المعاصرة للانتقال كجنوب افريقيا مع الزعيم مانديلا وإسبانيا بعد فرانكو. 

وفي ما يخص مبادرة رئيس الدولة حول المساواة في الميراث فلئن عبرت النهضة بوضوح عن موقفها بما يتماشى مع الدستور وهويتنا العربية الإسلامية والسمت المحافظ لشعبنا، فإننا سنتفاعل مع المبادرة التشريعية باقتراح التعديلات الضرورية التي نراها تلائم مقتضيات تفاعل النص مع الواقع دون تعسف أو وصاية على مفاهيم الحرية والحداثة أو رغبة في توظيف مسائل الهوية لتحقيق مغانم سياسية على حساب الوحدة الوطنية.

 

السيدات والسادة

لقد عزّزت التشريعات الجديدة مكاسب التونسيات والتونسيين في مجالات عديدة منها الحريات الفردية والعامة من خلال قانون مناهضة العنف ضد المرأة وقانون مناهضة الميز العنصري ومنها المحاسبة والشفافية من خلال قانون التصريح على المكاسب، وقانون المصالحة وتمثّل هذه التشريعات ضمانات إضافية وآليات جديدة تساعد على بناء مجتمع العدل والحرية والمساواة وتكافئ الفرص الذي بشّرت به ثورة الحرية والكرامة ووضع أدوات بنائه دستورها.

 

السيدات والسادة

في سياق آخر، لا تزال السياقات الإقليمية والدولية في وضع متحرك وضبابية وسيولة وإعادة ترتيب وتشكل تتجاذبه إرادتان إرادة التحرّر والانتقال نحو الديمقراطية واحترام إرادة الشعوب .  وفي هذا الصدد تحتل القضية الفلسطينية والقدس في القلب منها قضية التحرر من اخر وابشع استعمار استطيطاني ، التحية لغزة العزة ولكل شعب وأرض فلسطين المباركة، وذلك مقابل ارادة الانشداد إلى الدكتاتورية عبر نشر الفوضى والإرهاب باسم الإسلام وهو منه براء ، او تحت اي مسمى ديني او عرقي كما يحصل في مواطن كثيرة بمثل ما يتعرض له شعب الروهنقا من مخططات إبادة ، وكذا ما تتعرض له تجارب التحول الديمقراطي الناشئة في العالم العربي من تآمر وقمع وهو ما أدّى إلى تمزق دول وقيام حروب وسيلان أنهار من دماء الأبرياء. نعبر هنا عن تضامننا مع كل ثورة سلمية من آجل الحرية ضد الطغيان 

 في خضم هذا التجاذب، وجدت التجربة التونسية الاهتمام والدعم والاسناد من عديد الأصدقاء من الهيئات والمؤسسات الدولية والكثير من الدول الشقيقة والصديقة باعتبارها نموذجا ناجحا يمكن الاستفادة منه.

 لقد صمدت التجربة التونسية بفضل الله وثبتت على خطّ سيرها نحو تحقيق أهداف الثورة رغم المصاعب والاختبارات وذلك لأسباب عديدة توفّرت لتونس من أهمّها الانسجام المجتمعي في غياب الانقسام الطائفي والعرقي ووجود مؤسّسة عسكريّة وطنيّة ناصرت الثورة في بدايتها وواصلت تحميها من الإرهاب والتطرف وتحرس حدودها من الاختراقات وقدّمت في سبيل كل ذلك العديد من الشهداء والجرحى الأبطال. كما توفّرت لتونس مؤسّسة أمنيّة لم تتأخّر في الانخراط في الثورة والسعي المتواصل إلى التحوّل إلى مؤسّسة للأمن الجمهوري. ومن العلامات المميّزة لنجاح التجربة التونسية وجود نخب استطاعت رغم اختلاف مشاربها الفكرية والسياسية أن تدير خلافاتها بالحوار وأن تبني المشتركات بينها وتوسّعها وأن تبني عليها توافقات فدخلت بذلك تونس نادي الديمقراطية والتعدّدية واستحقّت على ذلك جائزة نوبل للسلام وتأصلت فيها أكثر قيم الاعتدال والوسطية والتعايش بين المختلفين وتتراجع فيها دعوات الاستئصال ومحاولات تقسيم التونسيين ونشر الفوضى رغم إصرار البعض على هذا النهج.

 

السيدات والسادة

ستبقى النهضة ملتزمة برفض منطق الهيمنة والإقصاء حريصة على الشراكة والتوافق والوحدة الوطنية مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة ومهما كانت نتيجة النهضة، فنحن ضد احتكار السلطة من المنتصر وضد منطق المعارضة السلبية التخريبية لمن لم يحالفه النصر، وضد تغليب الطموح الشخصي على المصلحة الوطنية. ونحن بالخصوص ضد القرارات التي تقدم مصلحة الأحزاب أو الزعامات على مصلحة الوطن ولا تراعي مقتضيات تأمين سلامة الانتقال الديمقراطي في سياق يحتاج من التونسيين التضامن والوحدة لا التكالب على المناصب والكراسي.

 

السيدات والسادة

عملت النهضة من خلال ديبلوماسية شعبية نشيطة، تحت سقف ديبلوماسية بلادنا وسياستها الخارجية للتعريف بالنموذج التونسي ونجاحاته والتسويق لبلادنا ومنتجاتها باعتبارها وجهة مناسبة للاستثمار والتبادل التجاري. كما نشطت الديبلوماسية الشعبية للنهضة من أجل تمتين علاقات تونس بالعديد من الدول الشقيقة والصديقة وخاصة دول الجوار المباشر وامتدادنا العربي والإسلامي في إندونيسيا وماليزيا والباكستان وفي بلاد الأقليات العربية والمسلمة المهاجرة، ويجب ان تحتل العلاقات التونسية الأفريقية منزلة متقدمة فمستقبل تونس في أفريقيا وندعو الى خصها بوزارة، وزارة الشؤون الأفريقية . وندعو في هذا السياق، رئاسة الجمهورية والحكومة ووزارة الخارجية إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز الاستقرار في ليبيا وفتح المجال لتواصل العملية السياسية حتّى تنظيم الانتخابات وسنّ الدستور.

وتعتبر النهضة أن مشاكل تونس الاقتصادية والمالية مقدور عليها وقد يسهل حلّها ضمن أفق أوسع من حدود تونس وامكانياتها ومواردها أفق يبدأ على الأقل من الجارين الجزائر وليبيا ليتوسع لاحقا فيشمل دولا أخرى لاتحاد المغرب العربي والى ان تتعافى ليبيا وتنصلح العلاقات بين القطرين الشقيقين يمكن انطلاق المشروع من قاعدة صلبة بتعميق التعاون وإقامة سوق مشتركة بين الجزائر وتونس قاعدة انطلاق لمشروع المغرب العربي 

السيدات والسادة

بعد سنتين من المؤتمر العاشر وبعد الانتخابات البلديّة أصبح من الضروري أن تغطّي أجندة الحزب للمرحلة القادمة العديد من الاستحقاقات الحزبية وكل الاستحقاقات الوطنية وسيكون من أولوياتها تركيز العمل البلدي ورعاية قضاياه ومشاغله على أساس الوعي العميق بموقع هذه التجربة الجديدة في المسار الانتقالي وفي المسار السياسي للحزب من خلال توفير شروط نجاح تجربة الحكم المحلي والعمل البلدي واستكمال تركيز هياكله الحزبية المهتمّة به ضمن مقاربة واضحة وناجعة تستوعب الجديد على قاعدة الانفتاح.

كما ستواصل الحركة التقدّم في إصلاح هياكل الحزب وتطويرها وتعزيز قدرات القائمين عليها والرفع من أدائها وتجويد مخرجاتها. وبنفس الروح، ستواصل الحركة تقدّمها في مسار تنزيل ملفّ التّخصّص حتّى استكماله نهائيا بإذن الله.ونعلن هنا اننا عقب هذه الندوة سنعمد الى ادخال اصلاحات لتطوير الجهاز التنفيذي

 وفي مسارات أخرى، تعمل الحركة على استشراف خطّتها لسنة 2019 وتعزيز الديناميكيات الحوارية التي أطلقتها النّدوة السّنوية الأولى والثانية وما رافقهما من ندوات تواصلية إقليمية والتقدّم أكثر في بلورة موجّهات عامّة لرّؤيتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة وتدقيق خياراتها وإعداد دليل عمل لفريقها الحكومي لسنة 2019. ونعلن بهذه المناسبة، أنّنا بصدد تكوين فريق من الخبراء ومن الكفاءات الوطنية من داخل النهضة ومن خارجها لإعداد رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة لتونس في أفق سنة 2030 سنقوم بعرضها على التونسيين ضمن البرنامج الانتخابي لسنة 2019. ستكون هذه الرؤية عبارة عن مقاربة استراتيجية استشرافية تثمن عناصر القوة والتميّز لبلادنا من موقع جيواستراتيجي استثنائي ومن مخزون ثقافي وحضاري متنور ومن إمكانيات بشرية عالية الكفاءة ومن علاقات دولية بناءة ومثمرة. نريد ان ترسم هذه الرؤية الطريق لإحداث النقلة التاريخية الكبرى لتونس اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا وماليا وحضاريا لتحقق حلمنا الكبير في تونس مزدهرة ومشعة وسعيدة.

  

أيتها النهضويات، أيها النهضويون

يحقّ لكم أن تفخروا بحزبكم وبانتمائكم إلى مشروعه الوطني الجامع الذي دقّقه المؤتمر العاشر وحدّد معالمه الكبرى وقبل به، وأقبل عليه الكثير من التونسيات والتونسيين ومنحوه ثقتهم في الانتخابات. أنتم حيث ما كنتم في الداخل أو في الخارج عمود هذا المشروع وقلبه النابض وحاضنته الاجتماعية ورافعة كل مشاريعه وبرامجه قدّمتم من أجله ومن أجل تونس الكثير ولا تزالون كان منكم الشهداء، ومنكم المصابون، ومنكم المفروزون قدّمتم جميعا أجيالا متعاقبة ملاحم بطولية في مقاومة الاستبداد لم تعرف بلادنا لها مثيلا في طولها، وقساوتها، واتساعها، وآثارها كما قدّمتم قصصا رائعة في النجاح في الدراسة والبحث والأعمال، وفي غيرها من مجالات الحياة والنشاط وتعوّل عليكم حركتكم بأن تقودوا تونس مع غيركم من القوى الوطنية نحو المستقبل، باتجاه التنمية والتطور والرفاه والعيش الكريم لكل التونسيات والتونسيين.

 

أيتها الشابات، أيها الشباب

إن جيلكم هذا محظوظ بما وفره لكم كفاح الاجيال السابقة من حريات. صحيح أن أمامكم تحديات تنموية جساما ولكنكم تتوفّرون على رأس مال كل تقدّم هو الحرية فاستمسكوا بها وذودوا عنها  ذودوا عن ثورتكم المباركة عن التجربة التونسية واصبروا عليها  وجوهرها الحرية والكرامة

  

أيتها التونسيات، أيها التونسيون

إن خدمتكم وتحسين ظروف عيشكم هي أساس شرعية وجود الأحزاب السياسية وتنافسها في نيل ثقتكم في الانتخابات تختارون بإرادتكم الحرة من تجدون فيهم المصداقية والكفاءة والقدرة على تحقيق وعوده. لقد شرّفتمونا بمنحنا ثقتكم في كل الاستحقاقات الانتخابية وآخرها الانتخابات المحليّة وأعطيتمونا الفرصة لخدمتكم عبر برامجنا ومشاريعنا. من جهتنا لن ندّخر جهدا في ذلك وسنمكّن ممثّلينا في المجالس البلدية من الدعم والاسناد الكافيين ضمن الإمكانيات المتاحة حتى ينجحوا في أداء مهامهم ومدارها تحسين ظروف حياتكم بتقريب الخدمات وتحسينها وبحماية البيئة وتجميلها وبالمساواة في الجباية والعدالة في توزيعها وبمقاومة الفساد واعتماد الحوكمة الرشيدة في إدارتها. 

أيتها التونسيات، أيها التونسيون

تحتاج تونس كل بناتها وأبنائها تحتاج منكم الصبر أكثر على الانتقال وأن تجدّدوا الثقة في ثورتكم ثورة الحرية والكرامة وفي قدرتها على مزيد الإنجاز / حتى استكمال تحقيق كل أهدافها تحتاج منكم الانصراف أكثر للعمل والإعلاء من شأنه والتوجّه أكثر للمبادرة الخاصة تحتاج منكم الالتفاف أكثر حول الديمقراطية والمحافظة على المكاسب وخاصة ما تحقق منها في مجال الحريات الفردية والجماعية تحتاج منكم المحافظة على الملك العام وعدم تعريضه للتلف وللهلاك والفساد أو استغلاله لحسابات شخصية تحتاج منكم التعلّم والتسلّح بأدوات العصر.

تونس بلد الجميع تتّسع لأحلام ومشاريع الجميع تونس عريقة في تاريخها غنيّة بشبابها ونسائها رائدة بثورتها / قويّة بتجربتها تختزن مستقبلا واعدا وقدرة على تجاوز صعابها إذا ما تضافرت جهود كل التونسيين في الداخل والخارج. 

لقد تواصلت تونس حتى في أصعب فترات ضعف الدولة واجتمعت إرادة أبنائها كلّما احتاجت منهم ذلك لقد قطعنا خطوات مهمة في طريق بناء الجمهورية الثانية بفضل تضحيات التونسيات والتونسيين وتحتاج تونس للعبور بالكامل إلى برّ الأمان إلى كل أبنائها دون تهميش أو إقصاء فكلّما اجتمعت إرادة التونسيين قصر الطريق وخفّ الحمل وتراجعت المخاطر وتعاظمت الفرص واتسعت الآفاق وزاد الاعتماد على الذات وقلّ التعويل على الخارج.

 

أيتها التونسيات، أيها التونسيون

تدعوكم حركة النهضة إلى تغليب مصلحة تونس وحقّ الأجيال القادمة في أن نورّثها بلدا آمنا وعادلا مستقرّا وناميا ومن جهتنا لن تجدوا منا إلا التمسّك بخدمة المصلحة الوطنية والتعاون في ذلك مع الجميع حيثما كانت مصلحة تونس ودولتها ستجدون النهضة. لسنا أوّل من مرّ بانتقال ديمقراطي كثيرون غيرنا جرّبوا ذلك منهم من نجح ومنهم من فشل وتعتبر تونس اليوم بعد سبع سنوات من الثورة مثالا ناجحا قطع مسافات هامة وما بقي منها تحتاج للنجاح فيه إلى وحدة وطنية صلبة وصبر وتقاسم للأعباء وستنتصر إرادتنا بإذن الله.

 

السيدات والسادة

أخيرا، لا يفوتنا أن نقدّم أسمى عبارات الشكر والتقدير والامتنان لكلّ من ساهم في إعداد هذه الدورة الثانية للندوة السنوية لإطارات حزب حركة النهضة على ما بذلوا وقدّموا نرجو في الأخير أن تكلّل أعمالنا بالنجاح والتوفيق والقبول من الله.

عاشت تونس عاشت الثورة المجد والخلود للشهداء والتحية للشعب

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل في السبت, 27 أكتوبر 2018 17:45

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة