الجمعة، 19 أفريل 2024

مدير عام بنك الشراكة الإفريقي: مشروع قانون المالية 2019 غير واقعي مميز

20 أكتوبر 2018 -- 19:20:53 416
  نشر في اقتصاد

تونس/الميثاق/اقتصاد

 

 

صادق مجلس الوزراء يوم 10 اكتوبر 2018 على مشروع قانون المالية لسنة 2019 لتتم إحالته على مجلس نواب الشعب. المدير العام لبنك الشراكة الإفريقي، حبيب كراولي، يقدم لـ(وات) قراءته لهذا المشروع الذي وصفه "بالتصحيحي".

 

   * ماهو التوجه العام لمشروع قانون المالية لسنة 2019؟

 

   إنه قانون "تصحيحي" بما أنه يصحح انزلاقات 2017 و2018. ولعل التقليص من إقرار إجراءات ضريبية جديدة يبرهن على هذا التوجه. 

كما أنه يُعد، نوعا ما، قانون مصالحة وتهدئة مع الفاعلين الاقتصاديين والمواطنين من خلال سلسلة من الاجراءات التي تمس، في نفس الوقت، الاستثمار والمؤسسة والتغطية الاجتماعية...

 

 هذا القانون، يواصل، ايضا، وللأسف، ارتكاب نفس الأخطاء المعهودة، لأنه يحدد أهدافا غير معقولة لاسيما في ما يتعلق بخفض العجز. إن الرغبة في خفض عجز الموازنة والمديونية والتضخم مع دفع الاستثمار والنمو، امر مستحيل نظريا. إنه تحد كبير وهي أهداف يمكنها أن تكون متناقضة للغاية. وهذا التناقض يكشف عن عدم التماسك في المقاربة التي لبلورة هذا القانون.

 

  ويتضمن مشروع القانون، كذلك، إجراءات أخرى تكشف عن غياب التناغم. فعلى سبيل المثال الرغبة في محاربة السيولة النقدية واقتراح فرض أداء بـ1 بالمائة على المعاملات النقدية التي تتجاوز 5 آلاف دينار هو بمثابة فرض ضريبة على مخالفة والتسامح معها مقابل الدفع. 

 

 

كما أنّ الرغبة في ترشيد الواردات واقتصارها على ما هو أساسي مع اتخاذ إجراء يشجع، في الان ذاته، على توريد ما نعتبره خطأ سيارات شعبية في حين أن التحدي الفعلي لتونس يتمثل في إرساء سياسة حقيقية للنقل العمومي، يحمل، أيضا، تناقضا ويرسل إشارات سلبية.

 

 قانون المالية الجديد، قانون انتقالي من فترة إلى أخرى يتضمن إعلان اجراءات تتعلق بالجباية لن ترى النور إلى في أفق 2021. في هذا الشأن حتى وإن بدا من الاسلم عدم اثقال قانون المالية باجراءات ضريبية جديدة، كنت أحبذ شخصيا، ان يقع في اطار هذا القانون ادراج مراجعة الاصناف الضريبية المفروضة على شركات في اتجاه خفضها والتوجه نحو مزيد من البساطة ووضوح الرؤية.

 

إنّ الاقتصار على فئتين من الضرائب 15 و20 بالمائة في نظري أمر عملي ويستجيب للضغوطات التي تحدثت عنها. لكن ماذا فعلنا؟ اقترحنا إرساء ستة أصناف من الاداءات على الشركات مع فئات غير محددة المفهوم وهو ما يفتح الباب لكل التأويلات من جانب الإدارة.

 

كذلك فإن خفض نسبة الضرائب على الشركات من 25 إلى 5ر13 بالمائة خاصة في قطاع الصناعات المعملية هو أمر جيد، لكنه كان من الأجدر الذهاب في منحى تبسيط الاجراءات.

  

 

 * هل تعتقد أن الفرضيات التي اعتمدتها الحكومة في هذا القانون واقعية؟

 

   الأمر الايجابي هذا العام هو أن هناك عودة للموازنة التي تعكس نوعا ما توجهات الحكومة، رغم أننا لسنا متفقون على الفرضيات والأهداف المحددة.

   

   للعودة إلى سؤالك سأقول إن المراهنة على تحقيق 1ر3 بالمائة لا يبدو لي واقعيا في الظروف الحالية. كان بالإمكان أن يتم الإعلان عن نسبة نمو أقل تتماشى مع الواقع. نفس الشيء بالنسبة للمديونية. خفض نسبة التداين إلى أقل من 70 بالمائة يبدو لي هدفا متفائلا جدا. أظن أنه سيكون إنجازا لو تمكننا من المحافظة على نسبة التداين بين 72 و73 بالمائة. 

 

 كما أن النسبة المعلنة بشأن عجز الموازنة تبدو لي غير واقعية. أنا لا أفهم السبب من الإعلان عن نتائج متفائلة لا يمكن بلوغها فيما بعد. يجب أن نعوّد الرأي العام على أهداف قد تبدو متواضعة لكنها واقعية.

 

 

   * ألا تعتقد أن غياب هامش التحرك وراء هذا التناقض؟

 

   صحيح أن هامش التحرك للحكومة جد متدني مع وجود أكثر من 80 بالمائة من الموزانة تحت ضغط كتلة أجور بنسبة 40 بالمائة، ومستوى عال من تسديد الديون 25 بالمائة، لكن سارجع هذا التناقض إلى غياب الرؤية في وضع مشروع القانون هذا.

 

   يوجد جانب آخر لا يجب التغافل عنه، في كل أنحاء العالم تتضمن مشاريع قوانين المالية، التي تنجز قبل المواعيد الانتخابية الهامة، حتما، إجراءات ذات غايات انتخابية. سأستدل هنا بالاجراءات المتعلقة بالسيارات الشعبية وتقليص الأداء على القيمة المضافة على الانترنات، حتى وان كان هذا الاجراء الأخير إيجابيا جدا، مع ما ينقصه من جرأة. يتعين المضي قدما الى اقصى حد، نحو 0 بالمائة من الاداء على القيمة المضافة، إذا ما كانت هناك رغبة في السير على درب رقمنة حقيقة للاقتصاد والمجتمع.

 

   كنت، أيضا، آمل في رؤية قفزة نوعية وكمية هامة في الباب الثاني من الميزانية، تماشيا مع النوايا المعلنة لدفع الاستثمار، لأن الاعتمادات الحالية الموظفة لهذا العنوان تبقى غير كافية حتى تضطلع الدولة بدور القاطرة لدفع الاستثمار العام والخاص.

   

   واعتقد في هذا الصدد، أن إعادة طرح فكرة بنك الجهات، يمثل بدعة. فتونس ليست بحاجة إلى بنك إضافي مهما كانت الصفة أو الدور المنوط بعهدته.

 

   تونس في حاجة إلى عدد قليل من البنوك القوية والمسلحة بشكل كاف بالموارد المالية والبشرية حتى تتمكن من المساهمة بنجاعة في تمويل الاستثمار الخاص اينما كان وعلى امتداد دورة حياة المؤسسة.

 

   كنت أفضل شخصيا أن يتم وضع تلك الاعتمادات المخصصة لبنك الجهات بقيمة 400 مليون دينار والاعتمادات الموجهة لدعم التشغيل بقمية 150 مليون دينار في صندوق استثمار سيادي مخصص لتمويل المشاريع والمؤسسات في جهات التنمية ذات الأولوية، ومشاريع التجديد والطاقات المتجددة.

 

   بنك الجهات سيستغرق ما لا يقل عن ثلاث سنوات للدخول حيز العمل مع وجود مخاوف من وصوله إلى نفس الوضعية التي وصل إليها بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة لأنه ركز على ما يبدو على الكثير من المخاطر في قطاعات شديدة المخاطرة.

 

   قانون المالية لا يجب ان يكون مجرد معطيات حسابية، بل ابعد من ذلك، يتعين ان يستند الى رؤية وتحكيم دقيق وملم على المديين المتوسط والبعيد

   

   

 

المصدر:وات

آخر تعديل في السبت, 20 أكتوبر 2018 19:20

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة