الثلاثاء، 23 أفريل 2024

نُقاد: "كيس الراعي" للكاتب الاردني رمزي الغزوي تنهل من خزانة أسرار الوطن  مميز

05 مارس 2020 -- 12:25:42 843
  نشر في أخبار فنية و ثقافية

تونس/الميثاق/ثقافة

 

كيس من الأسرار، مزنّر بالورد، تفوح منه رائحة الحكايات، وتتساقط منه بتلات صغيرة ترسم على طريق الإبداع علامات تدل على الأرض، الأرض الهوية، الهوية التي ترشح من الكيس، كيس الراعي، ومداد الرائي لوطن يفيض بالأسرار والورود.

مرة أخرى يعود الكاتب  الاردني رمزي الغزوي وفي كيسه وطن صغير، فتغرق عينه بالدمع حين يتحدث عن مخاضات ميلاده، ويتفق النقاد والحضور، في حفل إشهاره في المركز الثقافي الملكي، على أن هذا الكيس الذي يفيض بأساطير الجبال وحكايات الرعاة، هوية.

مدير المركز الثقافي الأديب مفلح العدوان قال في تقديمه للحفل الذي حضره رئيسالوزراء الأسبق عبدالرؤوف الروابدة: فعّل الغزوي كل معارفه، متكئا على تراث الكبار،حاملا المعرفة وجغرافيا المكان، ليزيد فضاؤه الأخضر اخضرارا، محتفيا بالربيع، ويحتفي به الربيع، لننتشي بما ورد في كيسه، «كيس الراعي» إبداعا ومعرفة.

 

الكاتبة والباحثة د.هند ابو الشعر أشارت إلى أهمية ما يكتبه الغزوي، فهو متعدد الإبداعات، متجددا وممتلئا بالأفكار المدهشة، فلغة الشعر انساحت في قصصه، ولتبدأ من وادي الطواحين لتصل أرواحنا وقلوبنا وعقولنا. مضيفة أن الغزوي قدم في «كيس الراعي»، خزانة الوطن، حالة غير مسبوقة، إنه كلّ شيء.. موسوعة نباتات لجبل عجلون ووديانها، مجموعة قصصية مكونة من متواليات قصصية، ينتظرها القارئ بعد كل صفحة ملونة وباذخة في الفن واللون والمعلومة، رواية من نوع خاص تستحضر المكان

بكل دهشته.

 

وأضافت ابو الشعر أن الغزوي الذي لاحظ علاقة أسماء النباتات في المخيال الشعبي بشخصية الراعي، وعديد الأسماء التي أطلقتها الذاكرة الشعبية على النباتات، ويدخل فيها شخصية الراعي، من عصا الراعي، إبرة الراعي، صابونة الراعي، رغيف الراعي، مشط

الراعي.. جعلت من الراعي بطلا ونسبت إليه نباتات المكان، متسائلة: هل قدم رمزي الغزوي موسوعة علمية..؟ هل قدم رواية ملونة بطريقة مبتكرة استعاد فيها ذاكرة طفولته واشتباكه الرائع مع الجدّ والجدّة والأم والأب..؟ مؤكدة أن كل هذا صحيح، ولكنه أيضا قدّم موسوعة علمية من نوع جديد، فقد أورد ?علومات لا نعرفها نحن الذين عشنا في المدن المعلبة، معلومات لم نقرأها في الموسوعات النباتية، تقدم نباتات جبل عجلون وتحديدا المنطقة التي عاش فيها المؤلف، لكل نبتة راقبها منذ طفولته، وتعرف إلى تاريخ حياتها وتقلباتها الفصلية، وللحق، فإن ما قدمه يمثل مخزونا شعبيا قد غاب عنا، وكم تمنينا أن نعرفه، خاصة نحن الذين نكتب تاريخ

المنطقة، كنت دائما أشعر بفراغ ونقص المعرفة في عالم نباتات هذه المنطقة.

 

من جهته قال الشاعر والناقد د. حكمت النوايسة: هذا الكتاب هو ثمرة بحث الكاتب، ومشاهداته المقصودة في المحيط الحيوي، معطيا الانتباه كلّه للنباتات، أزهارها، وثمارها، وبنية أشكالها، وهي كلها من البيئة الأردنية، وقد جاد علينا بأن جعل هذه المشاهدات والبحث في هذا الكتاب الجميل المثير الضروري لنا، نحن مجايليه، ومن جاء بعدنا ممن لا يعرفون عمّا في هذا الكتاب شيئا، أو يعرفون أشياء قليلة.

وأضاف النوايسة إننا نزحف بلا هوادة على هذه النباتات، الهويّة، نقتلها بالإسمنت،ونقتل في أبنائها أيّ شغف بها، ولا يظنّنَ ظانٌّ أن النبات ليس جزءا من الهويّة، فهو، كما ظهر في كتاب رمزي الغزوي، جزء من الهويّة، في حديث الآباء والأجداد، وفيه،

حكايات الطفولة، ومراتع الصبا، وفيه سجل الطعام الوطني، ومدوّنته.

 

وزاد النوايسة في هذا الكتاب نقف على ملامح تشكّل الجزء المهمّ من هذه الهويّة، ففيه النكتة، وهي مدار دراسات عديدة لثقافات الشعوب، وفيه المعارف الشعبيّة بالنباتات التي ينقلها إلينا، حتى إنني أقول بصدق إنّ رمزي أمّن مستقبله إن ضاقت

السبل، فهو يمكن أن يكون طبيبا شعبيا، وما عليه إلا أن يطوّل اللحية ويقصّر الثوب.

 

من جانبها قالت الناقدة د.مريم جبر: نحتفي بمبدع أتقن إعادةَ صياغةِ الأشياءِ والناسِ عبرَ اللغةِ والصورة، أتقنَ صياغةَ ما غفلنا عنه في غمرةِ الاعتيادِ من تفصيلاتِ المكانِ الذي حَمَلنا واحتَملَنا، كما حملْناه واحتملْنا قسوته، الغزوي الذي يكتب من عميقِ معرفةٍ علميةٍ، وثقافيةٍ تتأسسُ على الموروث الثقافيّ والاجتماعيّ للمكان وللإنسان، مع مواكبةٍ لافتةٍ لتحولاتِ الواقع داخل الوطن وخارجه، الأمرُ الذي جعلَ لقصصه ومقالاته نكهةً فريدةً لمزيج من روحِ الماضي بحكاياتِه وأمثالِه الشعبيةِ وحكمةِ شيوخِه

وأقوالِهم، ورائحةِ الأرضِ بعيونِ مائِها وبقلِها وأزهارِها.ذ

 

وأضافت جبر أن «كيسُ الراعي» تجربةٌ تقاربُ بين المعرفيّ والجماليّ والثقافيّ، بين الواقعيّ والأسطوريّ في قراءةِ الذات والواقع، ونتاجُ عشقٍ للأرضِ، وتأمّلٍ في مكوناتها ومخرجاتها، وبحثٍ في ما وراء ما تلتقطُه عينُ الرائي قبل عينِ الكاميرا، إنه تمرينٌ للحواسِّ والذاكرةِ معاً في زمن تبلدّهما معاً، وقراءةٌ فاعلةٌ تعيدُ اكتشافَ المعنى المكتنّ في اللّونِ والملمسِ والرائحةِ والصوت للطبيعة في وقت مازال فيه الإسمنتُ يواصلُ زحفَه الوحشيَّ ليطالَ وجدانَنا قبل سهولِنا وروابينا، ويجفّفُ عيوننَا قبلَ سواقينا،وفي شهادة له قال مؤلف الكتاب الكاتب رمزي الغزوي: أحسني أتجدّد مع كل كتابيخرج للحياة، رغم ما أكابده من عناء الولادة ومخاضاتها العسيرة، ورغم ما يصيبني من كدرٍ عقب كل إنجاز؛ يأتي على شكل سؤال يضربني: وماذا بعد؟، وهل هذا يكفي ويشفي؟، وماذا تريد من الكتابة؟، وكيف ربطت ميلاد كتاب بميلادك؟. وقد يكون أنني لم أفصل يوماً بين حياتي وكتابتي: أنا أعيش ما أكتبُ، وأكتبُ ما أعيش. ولهذا فلن تجد ثمة فرقا بين رمزي وما يكتبه.

 

آخر تعديل في الخميس, 05 مارس 2020 12:49

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة